للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما القياس فيلخصه القرافي بقوله: "مفسدة الكفر أعظم المفاسد، والحرابة أعظم مفسدة من الزنا، وهاتان المفسدتان العظيمتان تسقطان بالتوبة، والمؤثر في سقوط الأعلى أولى أن يؤثر في سقوط الأدنى، وهو سؤال قوي يقوي قول من يقول بسقوط الحدود بالتوبة قياسًا على هذا المجمع عليه بطريق الأولى " وقد أجاب عليه بأجوبة (١) .

قال القرطبي: فأما الشرَّاب والزناة والسراق إذا تابوا وأصلحوا وعرف ذلك منهم ثم رفعوا إلى الإمام فلا ينبغي له أن يحدهم وإن رفعوا وقالوا: تبنا - أي الآن - لم يتركوا (٢) .

أما الأحاديث فهي عديدة، منها ما يظهر منه العموم في الجرائم الأخلاقية التي ليس فيها حق شخصي، يرغب الإسلام الشهود في الستر على المتهم، ولا يشجع على الرفع إلى القاضي، حيث جاء في حديث هزال الذي رواه مالك في الموطأ، وكان هزال قد جاء يذكر عن رجل أنه زنى فقال عليه الصلاة والسلام: ((يا هزال لو سترته بردائك كان خيرًا لك)) .

ولهذا قال الكمال بن الهمام: إن الشهادة بالحد مكروهة كراهة تنزيه، لأن الستر مندوب، إلا في حال المتهتك المعلن بالفاحشة (٣) .


(١) ٤ / ١٨٢.
(٢) ٦ / ١٥٨.
(٣) حاشية الشلبي على الزيلعي: ٣ / ١٦٤؛ والبهنسي، السياسة الجنائية، ص ٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>