للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسًا: إعفاء غير المسلم من عقوبة جرائم الأخلاق التي ليس فيها حق شخصي على خلاف:

قال ابن عابدين في الحاشية عازيًا لشرح السير: وذكر أيضًا أن المستأمن في دارنا إذا ارتكب ما يوجب عقوبة لا يقام عليه إلا ما فيه حق العبد من قصاص وحد قذف (١) .

وذلك فيما يبدو احترامًا لعقيدته الدينية التي يستحل فيها ذلك الفعل، ووفاء بعهد الأمان، وهذه درجة من التسامح لا توجد في أي تشريع وضعي أن يمنح الأجنبي حقوقًا أفضل من حقوق المواطن.

وللعلماء أقوال في هذه المسألة وتفاصيل تراجع في كتب الفقه.

وبالتالي فإن الضجة المثارة حول قسوة الإسلام في جرائم الأخلاق لو اعتبرت المعالجة الإسلامية في شموليتها المتمثلة في عدم الرفع إلى المحاكم أصلًا، والأمر بالستر، وبتأثير التوبة، وفي صعوبة الإثبات؛ لتحولت من استغراب إلى إعجاب ومن اشمئزاز إلى اعتزاز.

ولأدركنا أن العقوبة الشديدة هي في الحقيقة تهديدية لردع المجرم وحماية المجتمع.

تلك إشارات سريعة تظهر إلى أي مدى يتفوق التشريع الإسلامي على التشريعات البشرية في الرأفة بالإنسان، وإصلاح المجرم عن طريق التوبة، ومحاربة الانحلال من حيث المبدأ بوضع عقوبة تهديدية لا تطبق إلا في حالة نادرة وعلنية حيث تصبح الجريمة عدوانًا على المجتمع.

* * *


(١) ٣ / ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>