للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨- ومن المبادئ التي يرتكز عليها التشريع الإسلامي عموماً: صلاح المجتمع؛ فمعظم التهم التي يشدد الإسلام في العقوبة عليها هي التهم التي تؤثر في المجتمع تأثيراً سلبيًّا بل هداماً، كالزنا الذي يؤدي إلى انهيار الأسرة واختلاط الأنساب، وكالسرقة والاعتداء على الغير مما أشار إليه الشارع الإسلامي.

ف حقوق الإنسان كما وصلت إليه وثيقة حقوق الإنسان الصادرة عن الجمعية العامة للأمم تحفظ الحقوق الفردية وتنص عليها، بينما الإسلام يوازن بين الحقوق الفردية وحق المجتمع الذي هو أيضاً مجموع الأفراد وجب التنويه إلى حقوقه أيضاً صيانة للصالح العام.

٩- وقد ثبت بالاستقراء والنصوص أن الشريعة الإسلامية قد اشتملت أحكامها على مصالح الناس، فقد قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:١٠٧] ، وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [النمل:٧٧] .

والمصالح المعتبرة هي المصالح الحقيقية، وهي ترجع إلى أمور خمسة: حفظ الدين، والنفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال، لأن هذه الأمور الخمسة بها قوام الدنيا التي يعيش فيها الإنسان (١) .

١٠- والحرية عنصر مهم من عناصر الحياة الإنسانية المحترمة في الإسلام. وهل التوحيد إلا تحرير للإنسان؟

ولذلك كانت حرية الاعتقاد حق من حقوق الإنسان في الإسلام، بادر المسلمون بتطبيقه إعمالاً لتعاليم دينهم كمبدأ حيوي.

يقول الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: ٢٥٦] .

ويقول تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: ٩٩] .

ويقول: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: ٤٦] .

والعدل اسم من أسماء الله الحسنى، وكما يقولون: "العدل أساس الملك" لذا كان مبدأ أساسياً ترتكز عليه الشريعة السمحة في إقرار حقوق الإنسان الأساسية.

يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: ٥٨] .

ويقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل: ٩٠] .

* * *


(١) أصول الفقه، محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي، ص ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>