وكذا إذا كسدت العملة المتفق عليها نهائيًا بدون بديل لها فسد البيع، أما إذا تغيرت العملة المتفق عليها إلى عملة أخرى، فإن الحكم ينصب على ما يعدل قيمة تلك العملة من العملة التي حلت بديلها بسعرها وقت القبض وليس وقت العقد أو البيع، دون تفرقة بين ما إذا كانت تلك العملة متساوية في السعر أو متفاوتة في قيمتها المالية؛ ذلك بأن الواجب شرعًا في ذمة المشتري أو المدين، والذي ينصب عليه الحكم الشرعي إنما هو المسمى والمتفق عليه في صيغة العقد لا غيره، وليس للمشتري أو المدين بحساب الصرف من أي نوع كان بالسعر السائد، إذا كان عين العملة المذكورة في العقد قائمة وسائدة إلا برضى البائع أو الدائن، وأنه لو أراد المشتري دفعها بالدولار بدلاً من الدينار، وبالسعر القائم والسائد وقت الأداء ورفض البائع أو الدائن أو من له الحق في تلك العملة المنصوص عليها في العقد، فإنه لا يجبر على قبضها لاختلاف المالية وإن تساوت القيمة؛ لأن الأحكام الفقهية إنما تنظر إلى ما اشتملت عليه صيغة العقد لا إلى شيء آخر لم يذكر في العقد، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يجبر من له الحق على أخذ حقه بالسعر القديم؟ علمًا بأن سعر العملات في عصرنا الحاضر ليست مستقرة في قيمتها المالية على حالة ثابتة، فإذا لم نلزم من عليه الحق بما يثبت في ذمته وقت التعاقد وبالسعر الذي تصل إليه تلك العملة وقت الأداء سواء طلعت تلك العملة أو انخفضت، لاضطربت معاملات الناس، وبالتالي عُدم الثبات القانوني، وعدم ثابت الحكم الشرعي، وبالتالي أيضًا عدمت الضوابط القانونية والشرعية لتكييف هذه المعاملة بين الناس، وبنفس الوقت تجاهل صيغة العقد وعدم احترام صيغ العقد الشرعية، وهذا باطل لا يجوز باتفاق الفقهاء. وهذا في نظري يشمل كل صور التعامل التي تشابه هذه المسائل في تحقيق المناط وتشتمل عليها نظرية العقد في هذا الباب.