للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا- الاتجار بالبيع بالنسيئة وتقسيط الثمن بسعر أعلى من البيع العاجل:

والراجح جواز هذه الطريقة في الاستثمار؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، وهو داخل في عموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:٢٧٥] ، والبائع حر في تحديد أسعاره بحسب الأحوال المختلفة شريطة ألا يكون غبن أو غش أو احتكار أو استغلال، كما أن المشتري حر هو الآخر في قبول الثمن الذي يريد.

والشبهة في هذا البيع تكمن في أن زيادة الثمن كانت مقابل الأجل فيما يبدو، وهذا قد يجعله من جنس ربا القروض، ولكن هذه الشبهة لا تصح أساسا للقياس لوجود اختلاف جوهري بين المسألتين:

فالقرض عمل خيري والعلاقة بين طرفيه يفترض فيها انعدام التكافؤ؛ لأن المقترض فيها طرف ضعيف فكان أساسه الرفق والتسامح، وأي زيادة فيه تنافي روحه ومقتضاه.

وأما البيع فهو عمل تجاري متكافئ الطرفين، وباب المساومة فيه مفتوح ليحقق كل منهما ما يستطيع من مكاسب.

والربح في التجارة قائم أساسا على نقل البضاعة من مكان إلى مكان ومن زمن إلى زمن، فعامل الزمن سبب من أسباب الربح، والبيع نسيئة بسعر أعلى من البيع الحال نشاط تجاري منتج تتحقق فيه المصلحة لكلا الطرفين وتتوزع فيه الأعباء والمخاطرة على كليهما، أما المرابي فليس له نشاط إلا انتظار الوقت والإفادة من أزمات الآخرين واستغلال جهودهم، وهو نشاط طفيلي عقيم (١) .

ولا بد من الإشارة إلى أنه في حالة البيع نسيئة أو بالتقسيط يجب أن يحدد الثمن من البداية، ولا تجوز الزيادة فيه بعد ذلك إذا تأخر المشتري عن السداد مهما كان السبب، كما لا يجوز شرعا التنصيص في هذا العقد على فوائد التقسيط مفصولة عن الثمن الحال بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة أم ربطاها بـ الفائدة السائدة.

وقد أجاز هذا البيع بالضوابط السابقة المجمع الفقهي الإسلامي في جلسته المنعقدة بجدة في المملكة العربية السعودية من ١٧- ٢٣ شعبان سنة ١٤١٠ هـ الموافق ١٤- ٢٠ آذار سنة ١٩٩٠ م.


(١) انظر: مصرف التنمية الإسلامي، د. رفيق المصري، ص ١٩٤

<<  <  ج: ص:  >  >>