للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- مراعاة أجرة المثل:

ينبغي أن تكون أجرة العقارات الوقفية مقاربة لأجرة المثل، ولا تصح بغبن فاحش إلا عن ضرورة، مثل أن تنوب الوقف نائبة، أو يكون عليه دين، أو كان لا يرغب أحد في استئجاره إلا بالأقل، ونحو ذلك.

ولكن تصح الإجارة بنقصان يسير يتغابن الناس فيه، ولا ينبغي السكوت على المستأجر بغبن فاحش- بلا مسوغ- بل يجب على كل من علم بذلك رفعه إلى الحاكم ليأمر بأجرة المثل وتسليم زائد السنين الماضية.

وقيل: يضمن الناظر النقص لأنه متصرف في مال غيره على وجه الحظ، فضمن ما نقص بعقده (١) .

والصحيح هو القول الأول، ولكن إن تعذر استيفاء النقص من المستأجر ضمنه الناظر جزاء إهماله له.

ولو رخصت الأجرة بعد العقد لا ينفسخ العقد، ولو زاد أجره على أجر مثله زيادة فاحشة وكانت الزيادة قد حصلت عفوًا لكثرة الحاجة إلى عقار الوقف فللعلماء قولان:

أحدهما: لا يفسخ العقد؛ لأن العبرة في بداية العقد وقد دفع المستأجر فيها أجرة المثل، وكما لا يجاب طلب المستأجر في إنقاص الأجرة لو نقصت أثناء العقد، اقتضت العدالة ألا يفسخ العقد لمصلحة الوقف إذا زادت عن أجر المثل بعد العقد.

والقول الثاني: يفسخ العقد تغليبا لمصلحة الوقف، ولأن المستأجر لا يطالب إلا بأجر المثل ولا ضرر عليه من ذلك (٢) .والصحيح أن يفرق بين الأجرة المديدة والقصيرة، فإن كانت الأجرة مديدة فسخ العقد إلا أن يعدل إلى أجرة المثل، وإن كانت قصيرة كالسنة والسنتين لا يفسخ، وفي ذلك نوع من الموازنة بين مصلحة المستأجر ومصلحة الوقف، ولا يجوز للمتولي أن يؤجر لنفسه أو لابنه الصغير، لأنه هو الذي يتولى العقد بالولاية عنه، ولكن يجوز ذلك عن طريق القاضي.

وفي قول أن للمتولي أن يؤجر لنفسه بشرط الخيرية، أي أن يأخذ ما يساوي عشرة بخمسة عشر، ويجوز له أن يؤجر لابنه الكبير أو لأبيه بأكثر من أجرة المثل عند أبي حنيفة خلافا للصاحبين (٣) .


(١) انظر: حاشية ابن عابدين: ٣/ ٨٩٣، ٤٢٩؛ وانظر: معونة أولي النهى لابن النجار: ٥/ ٨٢٢؛ والذخيرة للقرافي: ٦ /٣٣٠.
(٢) انظر: الوقف في الشريعة والقانون، زهدي يكن، ص ٩٨؛ وانظر: حاشية ابن عابدين: ٣/ ٣٩٨؛ فتح العزيز للرافعي: ٩/ ٢٩٤؛ التاج والإكليل لمواق: ٦/ ٤٦ مطبوع بهامش مواهب الجليل لحطاب.
(٣) انظر: حاشية ابن عابدين: ٣/ ٤٢٩؛ وانظر: الوقف في الشريعة والقانون، زهدي يكن، ص ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>