للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- هل تنفسخ الإجارة بموت المؤجر؟

ينفسخ عقد الإجارة بموت أحد العاقدين إذا كان عقدها لنفسه، فإن عقدها لغيره، كالواقف أو متولي الوقف، لا ينفسخ العقد بموته إلا في حالتين:

الأولى: ما إذا آجرها الواقف ثم ارتد ثم مات؛ لبطلان الوقف بردته فانتقلت إلى ورثته.

والثانية: فيما إذا آجر أرضه ثم وقفها على معين ثم مات، تنفسخ الإجارة (١) .

- أنواع من إجارة الأوقاف استحدثها الفقهاء:

١- حق الحكر:

نقل ابن عابدين عن فتاوى خير الدين الرملي تعريف عقد الاستحكار بأنه (عقد إجارة الأرض مقررة للبناء والغرس) (٢) ، فهو عبارة عن حق القرار المرتب على الأرض الموقوفة بعبارة مديدة تعقد بإذن القاضي، يدفع فيها المستحكر لجانب الوقف مبلغا معجلا يقارب قيمة الأرض، ويرتب مبلغا آخر ضئيلا يستوفى سنويًّا لجهة الوقف من المستحكر أو ممن ينتقل إليه هذا الحق، على أن يكون للمستحكر حق الغرس والبناء وسائر الانتفاع (٣) .

والحكر من أقدم الحقوق العينية المنشأة على الأوقاف، وقد سمي بعد في القوانين العثمانية باسم- (المقاطعة) ، وللمحتكر حق القرار والاستمرار بعد انتهاء عقد الإجارة مادام يدفع أجرة المثل بالنسبة للأرض خالية من البناء والغرس الذي أحدثه فيها.

وأجرة المثل للأرض المحتكرة لا تبقى على حال واحدة، بل تتغير زيادة ونقصانا بحسب الزمان والمكان والعوامل الاقتصادية، وقد سبق بيان الحكم في ذلك تفصيلا.

وهذا الحق قابل للبيع والشراء وينتقل إلى ورثة المستأجر، والغرض من هذا العقد حماية الأوقاف من الضياع والإهمال والاستفادة من عائداتها إذا لم تكن مصلحة الأوقاف قادرة على عمارتها واستثمارها.

ولفظ الحكر يطلق في اصطلاح الفقهاء على ثلاثة معان:

أحدها: الأجرة المقررة على العقار المحبوس في الإجارة الطويلة.

والثاني: العقار المحتكر ذاته.

والثالث: الإجارة المديدة، ويسمى التحكير أو الإحكار، ويكون الحكر غالبًا في الأوقاف العامة، وقد يكون في الأملاك الخاصة.

والإجارة الطويلة أعم من الاحتكار؛ لأن الاحتكار يقصد به استئجار الأرض لمدة طويلة لخصوص البناء والغرس أو لأحدهما، بينما الإجارة الطويلة فقد تكون للزرع وسائر أنواع استعمالات الأرض.

وأكثر العلماء على جواز التحكير بشروط ثلاثة:

أحدها: خراب الأرض الموقوفة وتعطيل الانتفاع بها.

والثاني: ألا يكون لدى مصلحة الوقف غلة أو سيولة نقدية لعمارته.

والثالث: أن يتعذر اقتراض القدر المحتاج إليه لاستثمار الأرض بأقل من أجر تلك المدة (٤) .


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم، ص ٢٠١.
(٢) حاشية ابن عابدين: ٣/ ٣٩٠- ٣٩١.
(٣) انظر المدخل إلى نظرية الالتزام العامة، مصطفى الزرقا، ص ٤١- ط ١، سنة١٩٤٦م.
(٤) انظر: بحث (استثمار موارد الأحباس) كمال الدين جعيط، بحث مقدم للمجمع الفقهي بجدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>