للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن البديهي أن يشترط لصحة التحكير كذلك أن يكون عقد الإجارة الذي تضمنه العقد صحيحا، فإذا وقع فاسدا، كما إذا تم العقد ابتداء بغبن فاحش، أو كانت مدة الإجارة غير معينة، أو كانت الأجرة مجهولة ونحو ذلك - لا يصح التحكير، ويعامل المستأجر حينئذ معاملة من بنى أو غرس في أرض الوقف بغير وجه حق (١) .

ومما يتصل بلفظ الحكر الخلو، وهي المنفعة التي يملكها المحتكر لعقار الوقف لقاء ما دفعه من الأجرة المعجلة، فلا يملك متولي الوقف بعد ذلك إخراجه مادام يدفع أجرة المثل.

٢- حق الإجارتين:

وهو نمط استثماري أحدثته الدولة العثمانية في القرن الحادي عشر الهجري إثر انتشار حرائق كبيرة في إستانبول وغيرها من مدن الأناضول، وقد خربت الكثير من عمارات الأوقاف وسببت تشويه المدن، وعجزت غلاتها عن إصلاحها وترميمها، فابتكرت هذه الطريقة لتشجيع استئجار عمائر الأوقاف وترميمها.

وهو عبارة عن عقد إجارة مديد بإذن القاضي الشرعي على عقار الوقف المتصدع الذي عجز الوقف عن إصلاحه، ولم يوجد من يستأجره بأجرة واحدة كالمعتاد فيؤجر بأجرة معجلة تقارب قيمته ليعمر بها، وأجرة مؤجلة ضئيلة سنوية يتجدد العقد عليها ودفعها كل سنة.

والهدف من الأجرة المؤجلة الإعلام بأن الموقوف مؤجر، وحتى لا يدعي المستأجر ملكيته له مع مرور الزمن.

وهذه الطريقة مخرج من عدم جواز بيع الوقف ولا إجارته مدة طويلة عند بعض العلماء كما قدمنا.

وحق الإجارتين قريب من حق الحكر، إلا أن الفرق بينهما أن الحكر مختص بالأرض وما يقام فيها من بناء أو يغرس من شجر فملك للمحتكر؛ لأنه أنشأهما بماله الخاص بعد أن دفع إلى الوقف ما يقارب قيمة الأرض المحكرة باسم أجرة معجلة.

أما عقد الإجارتين فيرد على العقارات المتوهنة التي تعمر بالأجرة المعجلة نفسها التي دفعت لجانب الوقف، فيكون البناء والأرض ملكًا للوقف (٢) .

٣- المرصد:

وهو ما يدفعه المستأجر من ماله الخاص على عمارة العقار المأجور بإذن المتولي أو القاضي عند عجز الوقف عن ذلك، ثم يؤجر منه بأجرة منخفضة لقاء هذا الدين، وإذا أراد المتولي إخراج صاحب المرصد لزمه أن يدفع له ما صرفه في البناء (٣) ، وهو في الحقيقة نوع من الحكر.


(١) انظر: الوقف في الشريعة الإسلامية، زهدي يكن، ص ١٠٢.
(٢) انظر: المدخل إلى نظرية الالتزام العامة، مصطفى الزرقا، ص ٤٢.
(٣) انظر: المدخل إلى نظرية الالتزام العامة، مصطفى الزرقا، ص ٤٢؛ وانظر: حاشية ابن عابدين: ٣/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>