للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المنقول (١) الذي لم يتعارف الناس وقفه فإن وقفه لا يصح عملا بالقياس وعملا بالأصل لأنه بمال ثابت (٢) ، ولأن من شرط الوقف التأبيد، والمنقول لا يدوم.

ومن المنقول الذي تعارف الناس وقفه مستقلا مقصودا الدراهم والدنانير.

المطلب الثالث- وقف المنقول عند الجمهور (٣) : أجاز جمهور الشافعية والحنابلة والمالكية وقف المنقول بلا قيد ولا شرط مطلقا في الراجح لديهم، سواء أكان الموقوف مستقلا بذاته، ورد به النص أو جرى به العرف أو تبعا لغيره من العقار، إذ لم يشترطوا التأبيد لصحة الوقف لديهم، فيصح كونه مؤبدا أو مؤقتا، خيريًّا أو أهليا.

المطلب الرابع- ترجح قول الجمهور (٤) :

والذي يترجح لدي بعد النظر في أدلة الطرفين رجحان قول الجمهور من جواز وقف المنقول مطلقا، ولا حاجة بنا إلى تقييد جواز وقف المنقول بالعرف أو بالتعامل، لأن العرف أو التعامل لا أثر لهما في تغيير الحكم الشرعي من الحظر إلى الإباحة في قضية كهذه تعتمد قوة المدرك، ولا تعتمد على العرف ولا على غيره، والمدرك هنا يشير إلى الجواز، ولا سيما في عصرنا هذا الذي أضحى الناس فيه محتاجين إلى التوسع، ولا سيما الوقف الخيري الذي هو من أعظم القربات إلى الله عز وجل (٥)


(١) انظر: كتاب (أحكام الأوقاف) لأستاذنا الشيخ الزرقا: ١/ ٤٧ وما بعدها
(٢) هذا إذا وقف الإنسان ذات المنقول غير المتعارف، أما إذا وقف وقفًا صحيحا وشرط في وقفتيه أن يُشترى من غلته منقولات توزع على الفقراء فلا شبهة في صحة ذلك ولزومه لأنه صرف لا وقف. اهـ. انظر: كتاب (أحكام الأوقاف) لأستاذنا الشيخ الزرقا، ص ٤٨
(٣) الوقف لا يصح عند الحنفية خلافًا لجمهور الفقهاء إلا في العقار، أما المنقول فلا يصح وقفه عند الحنفية إلا تبعًا للعقار كوقف أرض وما عليها من آلات وحيوان، أو ورد بصحة وقفه أثر عن السلف كوقف الخيل والسلاح، أو جرى العرف بوقفه كوقف المصاحف والكتب وأدوات الجنازة، ويصح عند غير الحنفية وقف العقار والمنقول على السواء. انظر: الدر المختار ورد المحتار: ٣/ ٤٠٨، ٤١١؛ وفتح القدير: ٥/ ٤٨ وما بعدها.
(٤) وعلى هذا فرع الفقهاء من الجمهور يصح كون الموقوف عقارا كأرض أو شجر، أو منقولا كالحيوان مثل وقف فرس على المجاهدين، وكالأثاث مثل بساط يفرش في مسجد ونحوه، وكالسلاح، مثل سيف ورمح أو قوس على المجاهدين، وكالمصحف وكتب العلم ونحوها.
(٥) قلت: وقد أجاز وقف المنقول من المعاصرين الشيخ أحمد إبراهيم، وممن أجاز وقف المنقول أستاذنا أبو زهرة وأستاذنا الزرقا؛ وانظر: الفقه الإسلامي وأدلته: ٨/ ١٦٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>