للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا؛ فوقف الدراهم والدنانير فيه أقوال ثلاثة عند الحنفية:

١- القول الأول: جواز وقف الدراهم والدنانير مطلقا عند الإمام زفر من الحنفية سواء أجرى التعامل بوقفها أم لا، عزاه في الخلاصة إلى الأنصاري (١) ، وكان من أصحاب زفر، وعزاه في الخانية إلى زفر، وهذا ما ذهب إليه العلامة ابن نجيم زين الدين صاحب البحر ولم- يحكِ خلافا.

٢- القول الثاني: وهو المنع مطلقا وهو قول الإمام أبي يوسف من الحنفية، أخذا بأن وقف المنقول تبعا للعقار غير جائز إلا فيما ورد فيه نص كالسلاح والكراع.

٣- القول الثالث: وهو الراجح المفتى به في المذاهب؛ وخلاصته جواز وقف الدراهم والدنانير إذا تُعُورِفَ ذلك وجرى به التعامل بين المسلمين، وهو تخريج على قول الإمام محمد بن الحسن من الحنفية.

وخرج الحنفية ذلك بأن الدراهم لا تتعين بالتعيين (أي مثلية) ، فهي وإن كانت لا ينتفع بها مع بقاء عينها لكن بدلها قائم مقامها لعدم تعينها فكأنها باقية، ولا شك في كونها من المنقول، فحيث جرى فيها تعامل دخلت فيما أجازه محمد، ولهذا لما مثل محمد بأشياء جرى فيها التعامل في زمانه زاد بعض المشايخ من الحنفية أشياء من المنقول على ما ذكره محمد، لما رأوا جريان التعامل فيها، وعلى هذا فتلحق بالمنقول المتعارف على قول الإمام محمد المفتى به، وإنما خصوها بالنقل عن زفر لأنها لم تكن متعارفة إذ ذاك، ولأنه هو الذي قال بها ابتداء.


(١) جاء في حاشية ابن عابدين: (عن الأنصاري وكان من أصحاب زفر فيمن وقف الدراهم أو ما يكال أو ما يوازن أيجوز ذلك؟ قال: نعم.) ، اهـ. رد المحتار: ٣/ ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>