للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلق العلامة ابن عابدين على ذلك بقوله: (نعم، وقف الدراهم والدنانير تعورف في الديار الرومية) (١) . اهـ. ثم قال: (فوقف الدراهم متعارف في بلاد الروم دون بلادنا، ووقف الفأس والقدوم كان متعارفا في زمن المتقدمين ولم نسمع به في زماننا، فالظاهر أنه لا يصح الآن، ولئن وجد نادرا لا يعتبر لما علمت من أن التعامل هو الأكثر استعمالا فتأمل (٢) .

وعلى هذا فحيث تعورف وقف الدراهم والدنانير وجرى به التعامل في بلد بصورة أغلبية جاز وقفه لدى المتأخرين من فقهاء الحنفية كما العرف اليوم في بلادنا (٣) .

٢- البند الثاني- تخريج المسألة لدى القائلين بالجواز:

١- النقود أموال مثلية: أي تقرض ويرد مثلها لا عينها، أو تدفع قراضا (أي مضاربة) ولا ترد بعينها، لذلك نزل الفقهاء رد المثل أو البدل منزلة بقاء العين، بذلك أفتى العلامة أبو السعود في رسالته (وقف النقود) (٤) ، وقال العلامة ابن عابدين في ذلك نقلا عن الرملي في فتوى العلامة أبي السعود:) لكن إذا حكم به حاكم ارتفع الخلاف) (٥) ، وقال الحصكفي في الدر قبله: (كما في معروضات المفتي أبي السعود) (٦) .

وقال العلامة ابن عابدين في حاشيته رد المحتار على الدر المختار:

(قلت: إن الدراهم لا تتعين بالتعيين، فهي وإن كانت لا ينتفع بها مع بقاء عينها، لكن بدلها قائم مقامها لعدم تعينها فكأنها باقية) (٧) .

قلت: ولعلهم رأوا أن النقود من الأصول السائلة، فإذا وقفت صارت ملحقة بالأصول الثابتة من حيث حبس أصلها وتسبيل منفعتها أو ريعها، وإذا انتقل أصلها بالقرض فإن بدلها قائم في الحبس مقام عينها وهو (المثل) .


(١) انظر: حاشية رد المحتار على الدر المختار: ٣/ ٣٧٤.
(٢) انظر: حاشية رد المحتار على الدر المختار: ص٣٧٥.
(٣) انظر: الفقه الإسلامي وأدلته: ٨/ ١٦٣ وما بعدها.
(٤) انظر: رسالة (وقف النقود) للعلامة أبي السعود العمادي الحنفي المشهور بمفتي الثقلين، ط دار ابن حزم، بيروت ١٩٩٧ م
(٥) انظر: حاشية رد المحتار: ٣ /٣٧٤ وما بعدها.
(٦) انظر: حاشية رد المحتار: ٣ /٣٧٤. وقد قال العلامة أبو السعود في رسالته (وقف النقود) ما نصه: (أقاموا رد المثل في ذلك مقام رد عين المأخوذ، فيكون حبس أمثال النقود بمنزلة حبس أعيانها، وبقاء أمثالها في حكم بقاء أعيانها (. اهـ، ص ٣١؛ وقال:) ومعلوم أن القرض والقراض يذهب عينه، ويقوم بدله مقامه، وجعل البدل به قائما مقامه لمصلحة الوقف) . اهـ مجموع في المناقلة والاستبدال بالأوقاف.
(٧) حاشية رد المحتار: ٣ /٣٧٤، ومجموع الرسائل للعلامة ابن عابدين: ٢/ ٥٩ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>