وأما التمليك: فإن السيرة العقلائية قائمة على ذلك، حيث لا يشك أحد في أنه إذا ثبت ما يوجب الضمان في الوقف الذري يكون الضمان لهم، ولو غصبه غاصب يجب رده، وعليه الأجرة، بينما لو لم يكن تمليكا لكان حكمها حكم المساجد من عدم الضمان وعدم الأجرة على الغاصب للذرية.
على أن معنى الوقف على الذرية هو ذلك، فإن الوقف عليهم لا لهم.
إذن يكون الواقف هنا قد ملك العين الموقوفة لهم ولكن مع تضييق السلطنة المطلقة بنفس الوقف، فلا يستطيعون أن يفعلوا بالعين ما شاءوا فيملكون المنفعة فقط ملكية مطلقة، وأما نفس العين فملكيتهم لها ليست مطلقة.
وهذا القسم من الوقف: يجوز بيعه عند طروء أحد مسوغاته (كما سيأتي) ، لأنه مملوك للذرية، فلا منافاة بين كونه وقفا وبين جواز بيعه في حالة معينة.
٣ - الوقف العام:
كالوقف على العلماء والسادات وطلاب العلم والزوار والفقراء وغيرها من الجهات العامة.
وهذا الوقف العام ينقسم إلى قسمين:
أ - أن يكون الوقف على الجهة العامة كالعلماء والفقهاء والفقراء بنحو تكون المنفعة ملكا طلقا لهم، كوقف الحمامات والدكاكين والمعامل والمزارع، وأمثالها، فالمنافع تكون مملوكة للجهة العامة.
ويكفي في هذا القسم من الوقف الإعطاء لقسم من أفراد هذه العناوين، لأن الوقف للعنوان يتحقق بإعطاء واحد أو أكثر من أفراد العناوين، بينما يجب الاستقصاء في القسم الثاني من الوقف (الذري) بحيث لو مات أحدهم بعد حصول المنفعة فتنقل إلى وارثه.