المورد الثاني: إذا اشترط الواقف بيع الوقف عند حاجته أو حاجة الموقوف عليهم، أو إذا كان فيه مصلحة لما هو موجود من الموقوف عليهم أو لجميع الموقوف عليهم، أو عند مصلحة خاصة على حسب ما يشترط في ضمن الوقف. وهذا الشرط راجع إلى قطع الوقف وبيعه بالشرط وليس هو وقفا منقطعا.
ويدل على صحة هذا الوقف والشرط قوله تعالى:{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١] ، وقوله عليه السلام:((المؤمنون عند شروطهم)) ، وقوله عليه السلام:((الوقوف حسب ما يوقفها أهلها)) ، حيث إن أهل الوقف قد وقفوا هذا الشيء كذلك.
وهذا الشرط ليس منافيا لمقتضى الوقف حتى يكون الشرط باطلا فيبطل الوقف تبعا له، لأن مفهوم الوقف ليس إلا تحبيس العين وتسبيل الثمرة (المنفعة) والواقف أنشأ هذا المفهوم، فلا يجوز تصرف بعض الموقوف عليهم على نحو الملك المطلق.
وأما الشرط: فهو ينافي إطلاق هذا المفهوم لا أنه ينافي المفهوم، ولذا يجتمع الوقف مع جواز البيع عند طروء مسوغاته، ولا منافاة بين كونه وقفا وبين جواز بيعه وتبديله بوقف آخر.
ولكن هل هذا الشرط (شرط بيع الوقف) مناف للسنة؟
والجواب: إن ما تقدم من عدم جواز البيع وعدم إدخال الغلة في الملك مقيد بما إذا اشترط الواقف بيع الوقف، فقد دلت صحيحة (١) عبد الرحمن بن الحجاج في كيفية وقف مال أمير المؤمنين علي عليه السلام في عين ينبع، وفيها:(. . . فإن أراد (يعني الإمام الحسن عليه السلام) أن يبيع نصيبا من المال ليقضي به الدين فليفعل إن شاء لا حرج عليه، وإن شاء (الإمام الحسن عليه السلام) جعلها سري الملك (والسري: هو الجيد من كل شيء) فيبيع كل الملك وإن كانت دار الحسن بن علي غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعها، فليبعها إن شاء لا حرج عليه فيه، فإن باع يجعل ثمنها ثلاثة أثلاث، فيجعل ثلثا في سبيل الله، ويجعل ثلثا في بني هاشم وبني المطلب، وثلثا في آل أبي طالب وأن يضعه فيهم حيث يريد الله. . . إلخ) .
(١) وسائل الشيعة: ج ١٣؛ باب (١٠) من أحكام الوقوف والصدقات، ج٤