للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهر هذه الصحيحة جواز اشتراط بيع الوقف لنفس الموجودين فضلا عن البيع لكل الموقوف عليهم الموجود والمعدوم الذي سيوجد فيما بعد، ويصرف ثمنه فيما ينتفعون به.

وظاهرها أيضا الوقف لا الوصية، لأن الموجود في الرواية: (إن الذي كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتلة، حيا أنا أو ميتا. . .) .

وقد عمل بهذه الصحيحة جملة من الأعظام كما أشار إلى ذلك الإمام الخوئي (١) قدس الله سره. وعلى ما تقدم لا يكون اشتراط بيع الوقف عند حالات معينة منافيا للسنة ما دامت السنة القائلة بعدم جواز بيع الوقف قد خصصت بهذه الصحيحة.

المورد الثالث: هناك مورد ثالث يجوز فيه بيع الوقف وهو: ما إذا كان الاختلاف بين أرباب الوقف مؤديا - علما أو ظنا - إلى تلف خصوص مال الوقف ونفوس الموقوف عليهم، وهذه الصورة هي المتيقنة عند جميع الفقهاء، لأنها أخص مما وردت فيه روايات تجوز بيع الوقف إذا حصل اختلاف من بقاء الوقف، أو حصل تلف النفوس أو الأموال، من دون تقييدها بتلف نفس مال الوقف ونفس الموقوف عليهم.

المورد الرابع: وهو ما إذا كان الوقف؛ على عنوان معين كالبستانية، وخرجت البستانية لغور الماء ويبس الأشجار حتى خرجت عن قابلية ذلك، فقد جوز هنا بعض الفقهاء (٢) بيع الأرض وشراء بستان آخر، بل هو المتعين كما أفتى بذلك الإمام الخوئي قدس الله سره إذ قال في المسألة (١١٩٣) : (. . . نعم إذا فهم من القرائن أن الوقفية قائمة بعنوان البستان كما إذا وقفها للتنزه أو للاستظلال (وانقطع عنها الماء حتى يبس شجرها أو انقلع شجرها وبقيت عرصة) فإن أمكن بيعها وشراء بستان أخرى تعين ذلك. . .) (٣) .

وعلى كل حال، هذه الموارد الأربعة التي تقدمت أو أي مورد آخر يجوز بيع الوقف إذ ثبت بالدليل، يجعل أيدي الناظرين أو المتولين أو الحاكم الشرعي حرة في التصدي لمصلحة الوقف الذي هو بدل عن الوقف الابتدائي، ومصلحة الموقوف عليهم حسب متطلبات العصر على ضوء الشرع الحنيف.


(١) راجع مصباح الفقاهة: ٥/ ٢٢٤.
(٢) راجع جواهر الكلام: ٢٨/ ١٠٩.
(٣) منهاج الصالحين: ج ٢ مسألة ١١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>