يمكن للواقف أن يوقف بعض أملاكه ويشترط حق رجوعه في الوقف أو حقه في بيع الوقف، فهل يكون هذا جائزا؟
ذكرنا في المورد الثاني من موارد جواز بيع الوقف صحة ذلك، وذكرنا الأدلة عليه وعدم منافاته لمقتضى الوقف، لأن الوقف هو تحبيس العين وتسبيل الثمرة، وقد أنشأه الواقف، فاشتراط بيعه وقطع الوقف لا بأس به سواء يكون ثمنه بدلا عن العين الموقوفة كما هو في صورة جواز بيع الوقف شرعا، أو يكون ملكا طلقا للموقوف عليهم أو للواقف عند الحاجة كما هو في صورة شرط ذلك في الوقف.
وهذا الأمر: مما يشجع على الإقبال على الوقف لبقاء علقة المالك بماله بحيث يزول عنه شبح الفقر أو الحاجة التي تراوده عند الكبر، فيمكنه أن يوقف أملاكه ويشترط بيعها عند حاجته إليها.
كما يمكن للواقف الذي يشترط في صحة وقفه إخراج نفسه عن الوقف كما ذكر ذلك الفقهاء، إذا أراد أن يتخلص من إشكال الوقف على نفسه وغيره: إن يملك العين لغيره ويشترط عليه أن يوقفها على النحو الذي يريد وقفها على نفسه وغيره، أو إدرار مؤونته ووفاء ديونه ونحو ذلك. وبهذا يزول ما يخيف الإنسان من احتياجه بعد الوقف ولا ناصر له ولا معين.
كما يجوز له أن يؤجر العين مدة خمسين سنة ويجعل لنفسه خيار الفسخ، ثم يوقف العين التي أجرها تلك المدة مسلوبة المنفعة لتلك المدة ثم يفسخ عقد الإجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى الموقوف عليهم.
كما لا يبعد صحة وقف العين مع اشتراط بقاء منافعها على ملكه مدة معينة أو غير معينة (مثل مدة حياته) لأن الوقف هو تحبيس العين وتسبيل المنفعة، وقد حصل، وأما الشرط أن تكون منافعها له مدة حياته فهو نافذ لعموم ((المؤمنون عند شروطهم)) ، ولعموم قوله:((الوقوف حسب ما يوقفها أهلها)) ، فقد حصل الوقف، ووجد الشرط، ويجب العمل به وبشرطه، ولا منافاة بينهما (١) .