للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- اشتداد الحاجة المعاصرة إلى دور فعال للوقف:

في الفقرات السابقة أشرنا إلى ضعف واضمحلال الوقف اليوم، وإلى أنه قابل للتقوية والازدهار شريطة القيام ببعض المهام الفكرية والعملية، فهل هناك من حاجة تبرر القيام بهذه الجهود؟ والجواب: نعم، وبيان ذلك إجمالاً فيما يلي:

١- تقلص الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة في ظل التوجهات المعاصرة القوية نحو الاعتماد الأساسي على القطاع الخاص في إدارة وتسيير الاقتصاد القومي، وفي قيام الأفراد من خلال المؤسسات الأهلية أو المدنية بالدور الاجتماعي كله أو جله. وهنا يمكن لمؤسسة الوقف أن تحتل مكاناً متميزاً في الإسهام البارز في تلبية العديد من المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية للأفراد والجماعات.

٢- وامتداداً للبند السابق فإن القدرات المالية للدولة في ظل التوجهات العصرية المشار إليها سلفاً أصبحت محدودة إلى حد كبير، وذلك للحيلولة بين الدولة وبين الكثير من الضرائب التي كانت تجيبها قبل ذلك. وبالتالي فإن إشباع الكثير من الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية بات يتطلب تمويلاً من خارج موازنة الدولة، ولا بديل لذلك إلا القطاع المدني أساساً، وكذلك القطاع الخاص (الاقتصادي) تطوعاً، والوقف يمثل صيغة وأسلوباً تمويليًّا يستطيع سد الكثير من الحاجات.

٣- في ظل الوضعية الراهنة فإن العديد من الدول قد لا تجد أمامها مخرجاً سوى اللجوء إلى الخارج طالبة ما تحتاجه من تمويل بمختلف صوره، وسوءات مثل هذه التمويل ظاهرة للعيان.

٤- يعيش العالم الإسلامي المعاصر تخلفاً خطيراً في التعليم والبحث العلمي، وما يرصد لذلك في موازنات الدول الإسلامية من الضآلة بمكان، الأمر الذي يعمق من التخلف العلمي في هذا العالم، مما يزيد من تخلفه الاقتصادي ويرمي بعقبات كئود أمام تقدمه وتنميته. واحتلال اقتصاد العلم والمعرفة وما يطلق عليه الاقتصاد الجديد للمكانة الأولى في مقومات تقدم الأمم المعاصرة أمر معروف مشهود، فكيف تمول هذه المرافق والمراكز في ظل شح الإيرادات العامة؟ أيترك ذلك للقطاع الخاص المعني كل العناية بتحقيق أقصى الأرباح، ومن ثم الانصراف إلى المشروعات التي تحقق له ذلك، وبديهي أنَّ مراكز ومرافق التعليم الجاد والبحث العلمي الحقيقي قد لا تروق لهم؟ أم يترك لجهات خارجية لا تخلو بواعثها ومقاصدها من شبهات؟ أم أن المدخل الحقيقي الإيجابي في ذلك هو استخدام الوقف، كما استخدم في الماضي وأثمر رقيًّا علميًّا إسلاميًّا محل اعتراف الجميع؟

<<  <  ج: ص:  >  >>