للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- زيادة حدة الفقر واتساع الفجوة التوزيعية في العالم الإسلامي يوماً بعد يوم! حيث يضرب الفقر بأنيابه ما يناهز (٦٠ %) من سكان العالم الإسلامي (١) . وشواهد الحال تشير بما يشبه اليقين والتأكيد إلى أنه في ظل ما يجري على الساحة العالمية والمحلية من عولمة وخصخصة وغير ذلك سوف يتزايد نطاق الفقر وتشتد حدته ويتسع التباين في التوزيع. وعلى العالم أن يواجه هذه المشكلة بما تستحقه من اهتمام وعناية لما لها من آثار بالغة الخطورة على أمنه واستقراره، بل على وجوده. ومن فضل الله على العالم الإسلامي أنه يمتلك أداة قوية لمواجهة هذه المشكلة وهي الوقف طالما أحسن التعامل معها.

٦- وما يزيد من حدة الفقر وسوء التوزيع عدم توفر فرص العلاج الجيد أمام الجماهير الفقيرة من الأفراد، فالمستشفيات والمراكز الطبية الحكومية آخذة في الانكماش من جهة، كما أن خدماتها الطبية متدنية من جهة أخرى، لقلة الإمكانات وسوء الإدارة، كما أن المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة (الاستثمارية) باهظة العبء والتكلفة، الأمر الذي يحول بين الفقير ودخولها والاستفادة منها، ومن ثم يشيع المرض ويتوطن بين الفقراء وما أكثرهم، فيضعف من قدراتهم الإنتاجية وبالتالي يزيدهم فقراً. ولا مناص في كسر هذه الحلقة المفرغة من اللجوء إلى القطاع المدني أو المؤسسات المدنية والجمعيات الخيرية للإسهام الجاد في علاج هذا الموقف، وقد قام الوقف بذلك في الماضي خير قيام، وهو جدير بالقيام بذلك في الحاضر.

٧- وبعد كل ذلك وقبله فإننا في حاجة ماسة إلى منهج يجمع بين البعد الاقتصادي والبعد الروحي ويحقق لنا رقيًّا اقتصاديًّا أخلاقيًّا وروحيًّا، والوقف يوفر لنا ذلك.

هذه بعض الاعتبارات والحيثيات التي تثبت وتبرهن على صحة مقولتنا باشتداد الحاجة حاليًّا إلى الوقف وإعادة الاعتبار له.

وفي القسم الثاني نطرح للبحث والنقاش صيغة من صيغ الوقف أو نوعاً من أنواعه نرى فيه إمكانيات كبيرة للقيام بدور فعال، وهو الوقف النقدي.

* * *


(١) البنك الإسلامي للتنمية، التقرير السنوي ٩٩ / ٢٠٠٠ م، ص ٥١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>