نظرًا إلى أن الواقف في حال حياته هو أحرص من غيره على مصلحة الوقف، واستمرار نفعه، فهو الأولى بالنظارة والولاية عليه إن كان أهلاً للنظارة، فإذا مات ولم يكن منه تعيين لناظر معين فإن مسؤولية تعيين ناظر على الوقف من اختصاص الحاكم الشرعي في منطقة ذلك الوقف، فيجب عليه أن يختار للنظارة على الوقف من تتوافر فيه صفات الأمانة والتقوى والصلاح والقوة والبصيرة.
وبعد تعيينه يوصيه الحاكم بتقوى الله تعالى ومراقبته في السر والعلن في كل تصرف يتعلق بهذا الوقف، ويأمره باتخاذ سجل يسجل فيه واردات الوقف ومصروفاته، وإذا اقتضى النظر الشرعي أن يضم إليه مشرف على أعماله، أو أن يعين للوقف أكثر من ناظر فذلك راجع إلى نظر الحاكم الشرعي وإلى اجتهاده، وعلى الحاكم الشرعي أن يصدر إعلاماً شرعيًّا بذلك - صك النظارة - ليكون ذلك الإعلام مستند الناظر في تصرفه في الوقف فيما يتعلق باستغلاله وإصلاحه والصرف منه على جهاته الخيرية المنصوص عليها في وثيقة الإيقاف - صك الوقفية -، ويجب أن تكون تصرفاته في الوقف مستندة على حصول الغبطة والمصلحة في ذلك، وفي حال استبداله بغيره فيشترط لنفاذ التصرف إذن الحاكم الشرعي بذلك.
ثم إن الواقف يحتمل أن يذكر من جهات الوقف ما لا يجوز الوقف عليه كالوقف على معابد اليهود، أو النصارى، أو مراكز التصوف، أو غير ذلك مما لا يجوز الوقف عليه بتحريم أو كراهة، فيجب على القاضي أن يغير ذلك ويستعيض عنه بما فيه التقرب إلى الله تعالى بما ينفع الواقف الميت بعد موته.
ثم إن الوقف يحتمل أن يشتمل على وقف جنف، كالوقف على البنين دون البنات، فيجب على القاضي أن يحكم ببطلان ما في الوقف مما لا يتفق مع المقتضى الشرعي في وجوب العدل بين الأولاد.