نظرًا إلى أن الأمر كما ذكره الله تعالى بقوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٦ - ٢٧] .
فإن الوقف يتصور في أموره ثلاث حالات:
الحالة الأولى: وقف منقطع الابتداء كمن يقف على كنيسة، ثم على الفقراء والمساكين؛ فيبطل الوقف على الكنيسة وتنتقل جهة الوقف إلى ما يلي ما بطل وهو الوقف على الفقراء والمساكين ابتداءً.
الحالة الثانية: وقف منقطع الوسط كمن يقف على أولاده ثم على أولادهم ثم على كنيسة ثم على الفقراء والمساكين؛ فيبطل الوقف على الكنيسة، ثم تكون جهات الوقف على أولاد الواقف، ثم على أولادهم، ثم على الفقراء والمساكين.
الحالة الثالثة: وقف منقطع الانتهاء كمن يقف على نفسه، ثم على أولاده، ثم على أولادهم، ثم على عتيقه سعيد، ثم على أولاده؛ فتنقطع هذه الجهات كلها، أو أن يقف ابتداءً على ما لا يجوز الوقف عليه كالوقف على الكنيسة، أو على كلب، أو على مرقص، أو نحو ذلك.
هذا النوع من الأوقاف - الحالة الثالثة - قد اختلف أهل العلم في حكمه؛ فذهب بعضهم إلى أنه يؤول وقفاً على عصبة الواقف.
وبعضهم قال: يؤول تركة توزع على من يعتبرون ورثة للواقف وقت انقطاع وقفه على افتراض موته ذلك الوقت.
وبعضهم قال: يرجع وقفاً على جهات بر وإحسان يجتهد الحاكم في تحديدها وتعيينها بما يكون له صفة الاستمرار والدوام، ويختار من جهات البر ما هو أولى، وأخص، وأنفع، وأكثر ثواباً للميت.