للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصية

الوصية بالمال: هي التبرع به بعد الوفاة لجهة لها حق التملك على سبيل الاستحباب أو الإباحة.

مشروعيتها:

الأصل في مشروعية الوصية: الكتاب، والسنة، والإجماع.

فهي مشروعة من كتاب الله بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٨٠] .

وقوله تعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: ١٢] ... وبغير ذلك مما ورد في كتاب الله تعالى بشأن الوصية.

ومشروعة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من ذلك ما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)) (١) .

وأما الإجماع فقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني إجماع العلماء في جميع الأمصار والأعصار على جواز الوصية.

والوصية مشروعة على سبيل الاستحباب، وعلى سبيل الوجوب.

فمن كان عليه دين، أو عنده وديعة، فيجب أن يوصى بذلك براءة لذمته، ووفاء بما عليه من حقوق للآخرين.

ويجوز له على سبيل الاستحباب، أو الإباحة، أن يوصى بجزء من ماله لمن يراه أهلا لها. سواء أكان ذلك على سبيل التمليك، أو كان على سبيل الوقف المعلق بالوفاة.

وكره بعض أهل العلم الوصية من الفقير؛ لأن الله تعالى قل: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة:١٨٠] والفقير لا يترك إلا يسيراً، وورثته أحق به.

وذكر ابن قدامة رحمه الله (٢) : أن عليًّا بن أبي طالب رضي الله عنه قال لرجل أراد أن يوصي: إنك لن تدع طائلاً، وإنما تركت شيئاً يسيراً فدعه لورثتك.


(١) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب: الوصايا. (صحيح البخاري مع فتح الباري: ٥/٤١٩) ؛ وأخرجه مسلم في كتاب الوصية. (صحيح مسلم مع شرح النووي: ١١/٧٤) .
(٢) انظر: المغني مع الشرح الكبير: ٦/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>