كما أن الوقف يختلف عن الوصية في مجموعة أمور؛ منها:
١- لا يصح الوقف إلا في عين يصلح الانتفاع بها مع بقاء عينها، بخلاف الوصية فتصح مطلقاً في كل مال يصح تملكه ولو كان ذلك بعين لا ينتفع بها إلا باستهلاكها.
٢- يصح للواقف أن يقف مطلقاً، بخلاف الموصي فلا يوصي إلا بالثلث فأقل، وألا يوصي لوارث.
٣- يلزم الوقف وينتقل من ملك واقفه بمجرد إيقافه، بخلاف الوصية فلا تلزم إلا بعد وفاة الموصي.
٤- لا يجوز للواقف بعد وقفه أن يرجع عنه، ولا أن يزيد فيه، أو ينقص، حيث إنه بإيقافه قد انتقل من ملكه، بخلاف الوصية فللموصي حق تغيير وصيته بزيادة، أو نقص، أو عدول عنها مطلقاً، أو إلى غيرها ما دام حيًّا.
٥- الوقف مستحب وليس بواجب مطلقاً، بخلاف الوصية فهي مستحبة بالتبرع ببعض المال بعد الوفاة، وواجبة بالوصية بالدين، أو بـ الوديعة.
٦- لا يجوز تعليق الوقف بغير الوفاة، كما لا يجوز توقيته بوقت معين كشهر، أو سنة مثلاً، بخلاف الوصية فتجوز مطلقة ومقيدة، فإطلاقها كالوصية للفقراء والمساكين، وتقييدها بالوصية في مرض معين، أو في بلد معين، أو في سفر معين، فإذا لم يتحقق القيد بها ومات الموصي بها قبل تغييرها لم تنفذ.
هذه أخص ما يتفق الوقف مع الوصية فيه، وما يختلفان به، وليس ما ذكر حصراً وإنما هو مما تيسر إدراكه. والله أعلم.
والوقف مرفق مالي يجب العناية به والحفاظ عليه والعمل على ما تجري به صدقته، من العناية بأصله من حيث تعميره وترميمه ومتابعة إصلاحه وصلاحه للدر والعطاء، فلئن كان عقاراً فيجب أن يكون التصرف فيه فيما تتحقق به الغبطة والمصلحة من تأجير واستبدال أو تعمير، ولئن كان منقولاً فيجب ملاحظة ما ذكر في العقار مع الاهتمام بالأخذ بأسباب الحفاظ عليه حيث إنه أكثر عرضة للضياع من العقار، وفي كل ذلك يجب على الناظر على الوقف الرجوع إلى الحاكم الشرعي لأخذ إذنه في إجازة التصرف في رقبة الوقف فيما يتعلق بانتقال رقبته.
ولا يجوز تجميع غلال الأوقاف لصرفها في شراء أوقاف أخرى تابعة أو مستقلة، حيث إن الوقف معناها الشرعي كما جاء ذلك في تعريفه من رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما وجه عمر بن الخطاب في وقفه: تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة. ولا يخفى أن صرف الغلال في شراء رقاب أوقاف مخالف لمعنى الوقف وحجب لصدقته الجارية.