جاء في المقدمة: إن جميع الأوقاف كانت في العصور السالفة تجري إدارتها طبق ما تقضي به أحكام الفقه فقط، إلى أن كان ما بعد سنة ١٠٢٠هـ وضع قانون باسم (الإجارتين) تحرى واضعوه أن يكون موافقاً للقواعد الشرعية على قدر استطاعتهم.
وجاء في هامش، ص ١٢٥ - ١٢٦ ما نصه (١) :
الباب السادس في المسقفات والمستغلات الموقوفة ذات الإجارتين
زمن حدوث معاملة الإجارتين وأسباب ظهورها:
المسقفات والمستغلات القديمة الجاري بها التصرف الآن على طريق الإجارتين في استانبول والبلاد الثلاث وبعض البلدان الكبيرة من الأناضول والرومللي، كانت ومن ثلاثة قرون سنة ٢٨٥ يؤجرها المتولون عليها بإجارة واحدة، ويصرفون أجرتها على الوقف، ويدفعون منها جميع نفقات ترميم ما خرب منها، وتجديد ما تهدم أو ما احترق، ثم كثرت الحرائق في استانبول والبلاد الثلاث، فاحترق أكثر الأوقاف المذكورة المرة بعد المرة عجزت غلاتها عن تجديدها ولم يوجد لها راغب يستأجرها واحدة بأجرة ويعمرها من أجرتها، فافتقر كثير من المؤسسات الخيرية وصعب القيام بأمورها وزال بها البلاد ... فاهتمت الدولة في هذه الحالة واضطرت للبحث عن طريق تتكفل بقاء المؤسسات الخيرية واستمرار نظامها، وتجديد خرابات المستغلات المذكورة وتعمير البلدة.. فرأت الدولة أن ذلك لا يتأتى أن يتم لها إلا بجعل التصرف بتلك الأوقاف على طريق الإجارتين، فوضعت هذه الطريقة وقررت لها أحكام وضوابط مستندة في ذلك كله على مفهوم القاعدتين الفقهيتين وهما:
تنزل الحاجة منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة، والضرورات تبيح المحظورات، فجوزت الإجارة الطويلة في الأوقاف خلافاً للقياس لمسيس الحاجة، وسومح المستأجرون لتلك الأوقاف بكثير من المنافع والفوائد.. ترغيباً وتشويقاً لهم على تعمير المسقفات.
(١) إتحاف الأخلاف في أحكام الأوقاف، لعمر حلمي أفندي، رئيس محكمة تمييز الحقوق، رئيس مسودي جمعية مجلة الأحكام.