للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من صور صيغ الاستثمار الحديثة

الصيغة الأولى - الاستثمار بأموال الغير:

عقد الاستصناع: إن الاستصناع في صورته الأولى منذ نشأته هو أن يقول إنسان لصانع خفاف أو صفار: اعمل لي خفًّا أو آنية من أديم من عندك بثمن كذا (١) ....

وقال صاحب الاختيار: إنما يجوز فيما جرت به العادة من أواني الصفر والنحاس والزجاج والعيدان والخفاف والقلانس والأوعية.. ولا يجوز فيما لا تعامل فيه كالجياب ونسج الثياب.. لأن المجوز له هو التعامل بين الناس من غير نكير فكان إجماعاً.

وجاء في توصيف هذا العقد: والأصح أن الاستصناع معاقدة (لا مواعدة) لأن فيه قياساً واستحساناً، وفرق بين ما جرت به العادة وما لا، وذلك من خصائص العقود، قال: "وينعقد على العين دون العمل " (٢) .

هذا في صورته التقليدية منذ نشأته وتعامل الناس فيه، ولكن جاءت في صورته المعاصرة لدى فقهاء القانون ما يلي:

أن تتفق الأوقاف مع جهة تمويلية بأن تبني على أرض الوقف بناءً أو أكثر ويكون ملكاً للجهة التي بنته، وبالمقابل تتعهد الأوقاف بشراء الأبنية بعد اكتمالها وعلى أقساط سنوية أو شهرية.. وبنتيجة هذه المعاملة تنتقل ملكية الأبنية إلى الأوقاف، ويسمى هذا العقد قانوناً (بعقد المقاولة) ويدخل في ذلك حق الحكر وهو الإيجار الطويل المدى لمن يشيد العقار أو لغيره بمبلغ كبير دفعة واحدة، ولكن لهذه المعاملة محاذير يمكن أن تذهب بأرض الوقف ... لما يترتب من حق للطرف الذي بنى على أرض الوقف، وربما لا تتمكن الإدارة المشرفة على الوقف توفير المبالغ المطلوبة لشراء الأبنية ... وغالباً ما يكون، لذلك نرى عدم جدوى هذه الصيغة حتى لا تكون منفذاً جديداً لترتب الحق على الوقف، لأنه لا محالة سيصار إلى مصالحة الجهة التي بنت على أرض الوقف بدفع التعويض عن ثمن الأرض ويسلم لها البناء والأرض.


(١) البدائع: ٥ / ٢.
(٢) الاختيار: ٢ / ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>