للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النقطة الأخرى: الأستاذ شوقي أحمد دنيا أشار إلى عوامل اضمحلال الوقف، وجعل من العوامل ضبابية الموقف الفقهي، وَعَدَّ من الشائعات مسألة عدم أمكان وقف النقود، وعدم أمكان التوقيت، وأن الوقف يجب أن يكون على سبيل اللزوم، وعدم أمكان استبدال الوقف، ومسألة اهتمام شروط الواقف. والحقيقة أنا شخصيا أخالفه، هذه ليست شائعات، فهذه فتاوى قوية لها أصولها، وجماهيرنا وعلماؤنا وأغنياؤنا على مر التاريخ كانوا يؤمنون بهذه الأمور ويوقفون. لم يكن الإيمان بهذه الأمور سببا في اضمحلال الوقف وهي أمور لها أصولها الشرعية، وأما ما أدى إلى اضمحلال الوقف وانحسار دوره ما رآه المسلمون أو ما رآه ذوو الأموال من أن الحكومات كانت تغير مقاصدهم وينصرف الوقف إلى أمور أخرى، الأمر الذي زهدهم في هذا العمل العبادي والذي أنا أؤكد على عباديته وأشترط على مسألة قصد القربة فيه.

النقطة الأخرى: وهي مسألة وقف النقود أصر عليها الأستاذ شوقي دنيا والبعض من الباحثين الكرام، ولكننا لا نتصور صحة الوقف في النقود لأن التحبيس هنا لا يصدق، والتسبيل إنما يكون للثمرة، وأصل النقد لا يبقى؛ إذا اشتري به شيئا فهو يذهب وإذا أقرض أيضا تنتقل ملكيته. النقود لا يمكن أن أتصور فيها تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة، وهذا ما عليه الإمامية على مر التاريخ، والنص الذي ينقله الدكتور شوقي دنيا عن الإمام المرتضى أدل على خلاف ما يقصد، لكن أعتقد أنه ليست هناك مشكلة، هناك بدائل كثيرة تحقق الغرض دون أن نقع - على الأقل - في مسألة خلافية، يعني يستطيع صاحب الأموال أن يشتري بها بيتا أو يشتري بها مؤسسة معينة ويوقف هذا البيت للهدف الذي يقصده، أو يستطيع صاحب هذه الأموال أن يهب هذه الأموال إلى مؤسسة، ونحن نقول بأن المؤسسات أو الشخصيات الحقوقية يمكنها أن تملك خلافا لمن يرفض ذلك، وهي على ملكية موقوفة على شخصيات حقيقية. يهب أمواله إلى هذه المؤسسة ويشترط - نحن نجيز الاشتراط في الهبة - في الهبة أن تكون هذه الأموال تستعمل للإقراض المستمر على مر التاريخ بشكل مؤبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>