للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيي في حسم نفقات الزراعة:

نفقات الزراعة نوعان:

النوع الأول: يتعلق بسقي الزرع، وكل ما يحتاج إليه من أجرة العمال، ونفقة البقر، وكري الأنهار، ونحو ذلك.

والنوع الثاني: يتعلق بما عدا السقي من شراء البذر، والسماد، وتكاليف الحرث والحصاد.

وما ينفقه الزارع قد يكون من ماله المملوك له، وقد يكون من مال استدانه، وما استدانه قد يكون أنفقه على الزرع وحده، وقد يكون أنفقه على الزرع وعلى أهله، ولكل حكمه.

فأما ما استدانه الزارع فإنه يحسمه من المحصول قبل إخراج الزكاة، سواء أنفقه على الزراعة وحدها، للسقي أو لغيره، أم أنفقه على الزراعة وعلى أهله، شريطة أن يكون الدين ثابتا، وأن يكون الزارع في حاجة إلى الاستدانة، وهذا هو ما اختاره أبو عبيد القاسم بن سلام للأدلة التي ذكرها، وهو رأي ابن عمر، وطاوس، وعطاء، ومكحول، وإن لم يصرحوا باشتراط ثبوت الدين كما فعل أبو عبيد.

وأما ما أنفقه الزارع على الزرع من ماله فإن كان من النوع الأول الذي يتعلق بالسقي فإنه لا يحسمه من المحصول، ويزكي المحصول كله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وفيما سُقِيَ بالنضح نصف العشر)) فحكم بتفاوت الواجب لتفاوت النفقة، فلو حسمت النفقة لم يكن لتفاوت الواجب معنى، وكان الواجب واحدا (١) .

ولا اعتبار لاختلاف نفقات الري بالوسائل القديمة عنها بالوسائل الحديثة الباهظة التكاليف، لأن نفقات الري الحديثة الباهظة التكاليف ينتج عنها محصول أكبر مما ينتج من نفقات الري بالوسائل القديمة، فلا حاجة إلى اعتبارها، لأن الزارع لا يناله ضرر من زيادة التكاليف.

وإن كان ما أنفقه الزارع من ماله على الزرع من النوع الثاني أي مما لا يختص بالسقي فإنه يحسمه من المحصول، ويستوي في هذا ما يجب فيه العشر وما يجب فيه نصف العشر، وهذا الرأي متفق في الجملة مع رأي عطاء (٢) الذي يقول بحسم النفقة مطلقا، ومتفق أيضا مع رأي ابن العربي (٣) .

وتشمل النفقة التي تحسم أجرة الأدوات والآلات التي يستعملها الزارع في غير الري، وإذا كانت الأدوات والآلات مملوكة للمزارع، فإنه يحسم ما يساوي الأجرة عن كل محصول، وتشمل النفقات تكاليف النقل لكل ما يحتاج إلى نقل ما عدا ما يحتاج إليه في السقي.


(١) انظر: ص١٩٧.
(٢) انظر: ص ١٩٨، ٢٠٤
(٣) انظر: ص ١٩٨، ٢٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>