أما المذاهب الأخرى فـ الراجح عندهم هو وجوب تزكية الدين في أكثر صور المسألة. نعم لهم تفصيلات في المقام نشير إلى أهمها:
الحنفية: فصلوا بين كون المدين مقرا وغير مقر، وكذلك بين مراتب الدين. فذهبوا إلى وجوب الزكاة في الدين إذا كان المدين مقرا وكان الدين قويا أو متوسطا.
قال الكاساني صاحب بدائع الصنائع:
(وجملة الكلام في الديون أنها على ثلاث مراتب في قول أبي حنيفة، دين قوي ودين ضعيف ودين وسط، كذا قال عامة مشايخنا.
أما القوي فهو الذي وجب بدلا عن مال التجارة كثمن عرض التجارة من ثياب التجارة وعبيد التجارة أو غلة مال التجارة، ولا خلاف في وجوب الزكاة فيه إلا أنه لا يخاطب بأداء شيء من زكاة ما مضى ما لم يقبض أربعين درهما أدى درهما واحدا، وعند أبي يوسف ومحمد كلما قبض شيئا يؤدي زكاته قل المقبوض أو كثر.
وأما الدين الضعيف: فهو الذي وجب بدلا عما ليس بمال كمهر وبدل الخلع والصلح عن القصاص وبدل الكتابة، ولا زكاة فيه ما لم يقبض كله ويحول عليه الحول بعد القبض.
وأما الدين الوسط، فما وجب له بدلا عن مال ليس للتجارة، كثمن عبد الخدمة، وثمن ثياب البذلة والمهنة، وفيه روايتان عنه، ذكر في (الأصل) أنه تجب فيه الزكاة قبل القبض، لكن لا يخاطب بالأداء ما لم يقبض مائتي درهم، فإذا قبض مائتي درهم زكى لما مضى، وروى ابن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه لا زكاة فيه حتى يقبض المائتين ويحول عليه الحول من وقت القبض، وهو أصح الروايتين عنه.