للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثانية: حكم زكاة الدين إذا كان الدائن قادرا على استيفائه ككون الدين على موسر غير جاحد ولا مماطل.

الصورة الأولى:

ذهب الإمامية إلى عدم وجوب الزكاة في الدين إذا لم يكن الدائن قادرا على استيفائه، قال الشيخ محمد حسن النجفي صاحب الجواهر رحمه الله: (وكذا لا تجب الزكاة على الدين، الذي لم يكن تأخيره من قبل صاحبه، بل لأنه مؤجل أو لكونه على معسر أو نحو ذلك بلا خلاف أجده بل الإجماع بقسميه عليه) (١) .

أدلة القائلين بعدم وجوب الزكاة في الدين فيما إذا لم يكن الدائن قادرا على استيفائه:

قد استند فقهاء الإمامية القائلين بعدم تعلق الزكاة بالدين خصوصا فيما إذا لم يكن تأخير استيفائه من قبل صاحب الدين الذي هو القدر المتيقن من القول بعدم الزكاة في الدين مطلقا بأمور:

الأول-الأصل:

قال ابن إدريس الحلي في مقام الاستدلال لعدم وجوب الزكاة في الدين بقول مطلق (سواء كان تأخره من جهة من هو عليه أو لم يكن بل كان تأخره من قبل من هو له) ..

بقوله: الأصل براءة الذمة، فمن أوجب الزكاة على مال ليست أعيانه في ملكه يحتاج إلى دليل (٢) .

بيان ذلك: أن ظاهر الأدلة سواء الآية الكريمة (٣) أو الروايات الصحيحة الواردة في بيان موارد وجوب الزكاة (٤) خصوصا أدلة الحول عند المالك (٥) هو اعتبار كون موارد الزكاة غير الكلي في الذمة (٦) ، أي أن الزكاة إنما تتعلق بالأعيان المخصوصة الداخلة بأعيانها في ملك المزكي، وهذا الظهور دليل على عدم وجوب الزكاة في الدين لكونه مملوكا للدائن بنحو الكلي في الذمة. ولا أقل من الشك فيرجع إلى أصل البراءة.


(١) جواهر الكلام: ١٥/ ٥٩
(٢) الفقه المقارن، كتاب الزكاة، السرائر، ص٢٩٢
(٣) قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣] .
(٤) محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أنزلت آية الزكا ة {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} في شهر رمضان، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديه فنادى في الناس أن الله تبارك وتعالى قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة، ففرض الله عليكم من الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب، ونادى فيهم بذلك في شهر رمضان وعفا لهم عما سوى ذلك محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير وبريد بن معاوية العجلي والفضيل بن يسار كلهم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: (فرض الله عز وجل الزكاة مع الصلاة في الأموال وسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسعة أشياء وعفا عما سواهن، في الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم والحنطة والشعير والتمر والزبيب، وعفا عما سوى ذلك) ، الوسائل: ٦/ ٣٢- ٣٤.
(٥) محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام، أنزلت آية الزكاة في شهر رمضان فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديه فنادى في الناس أن الله تعالى قد فرض عليكم الزكاة، وإلى أن قال: ثم لم يعرض لشيء من أموالهم حتى حال عليهم الحول. الحديث. (الوسائل: ٦/ ٨٢)
(٦) يراجع مصباح الفقه للهمداني

<<  <  ج: ص:  >  >>