للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أسقط جل المالكية الزكاة في الفلوس، إلا أن موقفهم ظل من الربوية مترجحًا بين الحكم بها وعدمه، فهي إذًا ثمنية من نوع خاص؛ لأنها وحدها الغالبة، ولأنها: "أصل الأثمان عند الشافعي " (١) ، ولأنها النقد الشرعي، كل هذه العبارات تدل على تهرب المعللين بالعلة القاصرة من شمولها للفلوس وما جرى مجراها.

أما وجهة النظر الأخرى التي تقول بالثمنية المتعدية - سواء عبر عنها بغلبة الثمنية، أي غلبة الاستعمال في التبادل، أو مطلق الثمنية - ويمثلها المالكية؛ لأن مالكًا رحمه الله كره ذلك.

قال ابن القاسم: سألت مالكًا عن الفلوس تباع بالدنانير والدراهم نظرة - أي تأخيرا - ويباع الفلس بالفلسين؟ قال مالك: إني أكره ذلك، وما أراه مثل الذهب والورق في الكراهة.

وفي المدونة نصوص تدل على كراهة مالك لبيع الفلوس بالذهب والفضة نظرة، ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود، وكانت لها عين وسكة فإن مالكًا يكره بيعها بالذهب والفضة نظرة.

وانطلاقا من نص الامام فإن علماء المالكية وضعوا قاعدة الثمنية أوغلبيتها، أي هل تعتبر مطلق الثمنية كافيا لتلحق الفلوس بالنقدين، أو لا بد من أن يكون استعمالها غالبا؟ وكلا العلتين متعدية عند أكثر المتأخرين من أصحاب مالك، إلا أنهم بسبب الترجح بين العلتين، أي بين علة واقعة وهي الثمنية القائمة في الفلوس فعلا، وبين علة لم تقع زمانهم وهي غلبة الثمنية، وعلى أصل مالك في التوسط بين الدليلين وهو ما يسمى بالبينية، أي وجود حكم بين دليلين، وهو إعمال كل من الدليلين من وجه يناسب أعماله.


(١) المنجور: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>