للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- حكم إضافة عقد الإجارة إلى زمن محدد مستقبل:

العقد المضاف في الفقه الإسلامي هو: العقد الذي صدر بصيغة أضيف فيها الإيجاب إلى زمن مستقبل، سواء أكانت مطلقة أم مقترنة بشرط، ومثاله في حال الإطلاق أن يقول شخص لآخر: آجرتك داري هذه مدة سنة بكذا ابتداء من أول السنة المقبلة، ويقبل الآخر، ومثاله في حال الاقتران بالشرط: أن يقول له: آجرتك داري هذه مدة سنة بكذا، ابتداء من أول السنة المقبلة، بشرط أن تدفع لي أجرتها كاملة عند ابتداء هذه السنة، فيقول الآخر: قبلت.

*وهذا العقد ينعقد علة لحكمه في الحال، ولكن لا يترتب عليه حكمه إلا عند مجيء الوقت الذي أضيف إليه، فلا يبتدئ عقد الإجارة إلا عد ابتداء السنة المقبلة التي حددت في العقد (١) .

) وعقد الإجارة من العقود التي يصح إضافتها إلى زمن مستقبل، سواء أكانت الإجارة واردة على منفعة عين معينة بالذات أم واردة على منفعة موصوفة مع التزامها في الذمة، مثال الأولى: أن يقول: آجرتك هذه السيارة مدة كذا بكذا من وقت كذا، ومثال الثانية: أن يستأجر سيارة موصوفة بصفات معينة يتفق عليها المتعاقدان، أو يقول: ألزمت ذمتك حمل كذا إلى مكة مثلا غرة شهر كذا بكذا ويقبل الآخر.

(فأما إذا كانت الإجارة واردة على منفعة في الذمة فباتفاق فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة يجوز إضافتها إلى زمن مسقبل قياسا على (السلم) إذ السلم بيع موصوف في الذمة ببدل عاجل (٢) . فالمبيع في السلم (وهو المسلف فيه) عين موصوفة في الذمة، وهي مؤجلة، وهنا المؤجر منفعة موصوفة في الذمة وهي مؤجلة أيضا فتصح قياسا عليه.


(١) (نظرية الشرط في العقد، للمؤلف)
(٢) (فقد عرف الحنفية السلم بأنه: (اسم لعقد يوجب الملك في الثمن عاجلا وفي المثمن آجلا) ، وسمي بالسلم مع أنه بيع لما فيه من وجوب تقديم الثمن، فاختص باسم كالصرف، ولا بد من تأجيل المثمن عندهم إلى شهر ونحوه، وقال الطحاوي: أقله ثلاثة أيام، اعتبارا بمدة الخيار، وروي عنهم لو شرط نصف يوم جاز، لأن أدنى مدة الخيار لا تتقدر، فكذلك السلم. (الاختيار: ٢/ ٣٣- ٣٥) . وعرفه المالكية بأنه بيع شيء موصوف (من طعام أو عرض أو حيوان أو غير ذلك مما يوصف، وخرج المعين فبيعه ليس بسلم) مؤجل في الذمة بغير جنسه، ومن شروط صحته حلول رأس المال فيه، فلا يصح الدخول فيه على التأجيل، وجاز تأخيره بعد العقد ثلاثا من الأيام، ولو كان التأخير بشرط عند العقد وأن يؤجل المسلم فيه بأجل معلوم. الشرح الصغير للصاوي: ٣/ ٢٦١، ط. دار المعارف. وعرفه الشافعية بأنه: (بيع شيء موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلا) فلم يقيدوا المسلم فيه الموصوف في الذمة بكونه مؤجلا، لجواز السلم الحال عندهم، خلافا للحنفية والمالكية والحنابلة (حاشية الشرواني على تحفة المحتاج: ٥/٢؛ وروضة الطالبين: ٣/٢٤٢، ط. (دار الكتب العلمية) . وعرفه الحنابلة بأنه: (عقد على شيء يصح بيعه، موصوف في الذمة، مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد) ، الروض المربع، ص١٨٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>