(فأما إذا كانت الإجارة واردة على عين معينة بالذات فإنه يجوز إضافة الإجارة إلى زمن مستقبل عند الحنفية والمالكية والحنابلة، والشافعية في إجارة الذمة، وكذا إجارة العين إذا أجرها لمستحق منفعتها آخر المدة الأولى قبل انقضائها.
فقد نص الحنفية على أنه (تصح الإجارة مضافة إلى الزمان المستقبل؛ لأن الإجارة تتضمن تمليك المنافع، والمنافع لا يتصور وجودها في الحال، فتكون مضافة ضرورة، ولهذا قال الحنفية: إن الإجارة تنعقد ساعة فساعة على حسب وجود المنفعة وحدوثها، وهذا هو معنى الإضافة.
وقالوا في إيضاح ذلك: إن القياس عدم جواز الإجارة لكون المنافع معدومة، لكن استُحسن جوازها (أي بالنصوص الواردة بصحتها من الكتاب والسنة) وصار العقد مضافا إلى حدوث المنافع، فينعقد العقد في كل جزء من المنفعة على حسب حدوثها شيئا فشيئا، ولذا قالوا: إن عقد الإجارة في حكم عقود متفرقة ... فإذا ثبت أن الإجارة في حكم عقود متفرقة لانعقادها ساعة فساعة، وهي بهذا المعنى مضافة، فلا خفاء حينئذ في جواز إضافتها إلى الزمان المستقبل (١) .
(وقد فرق الحنفية بين صورتين من صور الإضافة إلى الزمان المستقبل:
الصورة الأولى: إضافة العقد إلى الزمان المستقبل، كأن يقول: آجرتك هذه الدار غدا شهرا بكذا، أو يقول وهو في يوم السبت مثلا: آجرتك هذه الأرض يوم الجمعة سنة بعشرة، أو قال وهو في رجب، أو في ربيع الأول: آجرتك دابتي هذه رأس شعبان شهرا بكذا، ونحو ذلك.