للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

*أما ما يشترط في المبيع من شروط: (وهو ما يهمنا هنا) فمنها كونه مالا متقوما مملوكا للبائع مقدور التسليم، معلوما لكل من العاقدين علما نافيا للجهالة، وذلك قطعا للمنازعة والشحناء، سواء أكان العلم بذلك بالرؤية، أم بمعرفة الأنموذج، كالكيلي والوزني، فرؤية الأنموذج كرؤية الجميع، فإن كان مما لا يعرف بالأنموذج كالثياب والحيوان فيذكر له جميع الأوصاف (جنسه ونوعه وصفته) قطعا للمنازعة، ويكون له خيار الرؤية عند رؤيته (١) .

*وفي هذه الصورة التي معنا المبيع غير محدد المقدار (في أحد فروض تصور هذه المسالة) إذ إن الشريك يبيع لشريكه في العين حصة منها بمقدار العائد المستحق للمتملك (المشتري) ، فإن كان العائد كبيرا كانت الحصة كبيرة، وإن كان العائد صغيرا كانت الحصة كذلك، وإذا انعدم العائد لطارئ لا يكون هناك بيع ... ، ومن هنا يتبين لنا أن هذه الصورة لا تصح شرعا لجهالة المبيع.

وأيضا بالنسبة للثمن: فقد اتفق الفقهاء على وجوب تسمية الثمن في عقد البيع، والثمن لا بد أن يكون مالا متقوما، مملوكا للمشتري، مقدور التسليم، ومعلوم القدر والوصف للمتعاقدين حال التعاقد بما يعلم به المبيع، من رؤية مقارنة للعقد، أو متقدمة عليه بزمن لا يتغير فيه الثمن ظاهرا لجميعه، أو بعضه الدال على بقيته، أو بوصف كاف للثمن، بأن يبين نوعه ووصفه وقدره، فإذا لم يكن الثمن معلوم القدر والصفة، فإنه لا يصح العقد، لأن جهالته تفضي إلى النزاع المانع من التسليم والتسلم، فيخلو العقد عن الفائدة، وكل جهالة تفضي إلى النزاع تفسد العقد.

فقد نص الحنفية على أن مما لا يجوز البيع به البيع بقيمته، أو بما حل به، أو بما تريد، أو تحب أو برأس ماله، أو بما اشتراه، أو بمثل ما اشترى فلان، فإن علم المشتري بالقدر في المجلس، فرضيه، عاد جائزا. كما نصوا على أنه لو قال: بعت مالي بقيمته، وذكر القيمة مجملة يجعل الثمن مجهولا، فيكون البيع فاسدا، إذ القيمة تختلف باختلاف المقومين، وكذا لا يجوز البيع بمثل ما يبيع الناس، إلا أن يكون شيئا لا يتفاوت كالخبز واللحم، وأيضا فإن صفة الثمن إذا كانت مجهولة، فإنه لا يصح البيع، لأنها إذا كانت مجهولة تحقق المنازعة في وصفها، فالمشتري يريد دفع الأدون، والبائع كطلب الأرفع، فلا يحصل مقصود شرعية العقد وهو دفع الحاجة بلا منازعة (٢) .


(١) (الاختيار: ٩/ ١٧٨؛ وفتح القدير: ٥ /٤٥٥؛ مغني المحتاج: ٢ /١٠- ١١؛ الروض المربع ص ١٦٨ وكشاف القناع: ٣ /١٧٣، ١٧٤)
(٢) (شرح فتح القدير: ٥/ ٤٦٧؛ والبحر الرائق: ٥/ ٢٩٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>