للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الضوابط منها ما هو متفق عليه بينهم، ومنها ما هو مختلف فيه، وكذلك تباين الأنظار والاجتهادات والأقيسة، وقد وجدنا بعد الاستقراء والتتبع لأقاويل الفقهاء في المسألة أن تلك الضوابط ثلاثة:

أولها: أن يكون الجمع بينهما محل نهي في نص شرعي. نحو نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف (١) ، وعن بيعتين في بيعة (٢) . وعن صفقتين في صفقة (٣) ..

والثاني: أن يترتب على الجمع بينهما توسل بما هو مشروع إلى ما هو محظور. أي وإن كان كل واحد منهما جائزا بمفرده، حيث إنه قد نشأ في الجمع بينهما معنى زائد، لأجله وقع النهي الشرعي. ومن أمثلته بيع العينة (٤) ، والجمع بين البيع والقرض (٥) . وبين القرض والسلم، وبين القرض والصرف، وبين القرض والإجارة، لأنها كلها بيوع مع القرض.

والثالث: أن يكون العقدان فأكثر متضادين وضعا ومتناقضين حكما. فإن كانا كذلك، فإنه لا يجوز الجمع بينهما، لأن العقود أسباب تفضي إلى تحصيل حكمها وغايتها ومقصودها في مسبباتها بطريق المناسبة، والشيء الواحد بالاعتبار الواحد لا يناسب المتضادين والمتناقضين (٦) .، مثل الجمع بين هبة عين وبيعها، أو هبتها وإجارتها، أو صرف دراهم بدنانير وقرض الدنانير لبائعها، أو الجمع بين المضاربة وإقراض رأس المال للمضارب.


(١) (رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ومالك وأحمد. (نيل الأوطار: ٥/ ١٧٩؛ الموطا:٢/٦٥٧))
(٢) (رواه أبو داود والترمذي والنسائي. (نيل الأوطار: ٥/ ١٥٢؛ العارضة: ٥/ ٢٣٩؛النسائى: ٧/ ٢٩٥)
(٣) (رواه أحمد والبزار والطبراني. (نيل الأوطار: ٥/ ١٥٢؛ مسند أحمد: ١/ ١٩٨؛ مجمع الزوائد: ٤/ ٨٤)
(٤) (الموافقات: ٤/ ١٩٩؛ مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية، ص ٣٢٧، تهذيب مختصر سنن أبي داود لابن القيم: ٥/ ١٠٠، ١٠٦؛ إعلام الموقعين: ٣/ ١٦١، ١٦٢)
(٥) (إغاثة اللهفان: ١/ ٣٦٣؛ الموافقات: ٣/ ١٩٦؛ مجموع فتاوى ابن تيمية: ٢٩/ ٦٢؛ القواعد النورانية الفقهية، ص ١٤٢)
(٦) (القبس لابن العربي: ٢/ ٨٤٣؛ الفروق للقرافي: ٣/ ١٤٢؛ وانظر: ميارة على التحفة، ١/ ٨٣؛ البهجة للتسولي ٢/ ٩، ١٠؛ تهذيب الفروق: ٣/ ١٤٢؛ عدة البروق للونشريسي، ص٥٥٠؛ المقدمات الممهدات: ٢ /١٨٢؛ المجموع شرح المهذب: ٩/ ٨٨) شرح السنة للبغوي: ٨ /٦٧؛ المغنى: ٦ /٣٣٥؛ إعلام الموقعين: ٣/ ٣٥٤؛ نظرية العقد لابن تيمية، ص ١٩١ الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية، ص ١٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>