للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هل تقبل المضاربة التوقيت بمدة معينة عند عقدها، بسنة مثلًا، أو أكثر من ذلك، أو أقل؟

ذهب الحنفية والحنبلية إلى جواز توقيت المضاربة بوقت معين، كسنة أو شهر أو غير ذلك، قال الكاساني: (ولو قال: خذ هذا المال مضاربة إلى سنة؛ جازت المضاربة عندنا. . .) (١) . وقال ابن قدامة: (ويصح تأقيت المضاربة. .) . قال مهنا: سألت أحمد عن رجل أعطى رجلًا ألفاًَ مضاربة شهرًا، قال: إذا مضى شهر يكون قرضا. . وقال أبو الخطاب: في صحة شرط التأقيت روايتان، إحداهما هو صحيح، وهو قول أبي حنيفة، والثانية لا يصح، وهو قول الشافعي ومالك (٢) .

وعليه، فإذا اتفق الطرفان على توقيتها بوقت معين، ثم انتهى وقتها، فإنها تنتهي بذلك حكمًا عند الحنفية والحنبلية، ولا يجوز للعامل الشراء بعد ذلك، ولكن له البيع حتى تنض، هذا ما لم يتفقا على تمديدها، فإن اتفقا على تمديدها استمرت بالاتفاق الجديد.

وذهب مالك والشافعي إلى عدم صحة التوقيت، قال الدسوقي: (. . أو قراض أجل كاعمل به سنة، أو سنة من الآن، أو إذا جاء الوقت الفلاني فاعمل فيه ففاسد) (٣) . وقال الشربيني الخطيب: (. . . فإن القراض المؤقت لا يصح، سواء أمنع المالك العامل التصرف، أم البيع، كما مر، أم سكت، أم الشراء، كما قاله شيخنا في منهجه، ولو كانت المدة مجهولة كمدة إقامة المعسكر، قال الماوردي: فيه وجهان. أهـ. والظاهر منهما عدم الصحة) (٤) . وقال العمراني: (ولا يجوز القراض إلى مدة من المدد. . .) (٥) .

والذي أراه هنا، أن هذا الاختلاف بين الفقهاء في التأقيت خلاف قليل الأهمية والتأثير، ذلك أن الذين قالوا بجواز التأقيت قالوا بأن المضاربة جائزة وغير لازمة، وعليه فإن لكل من المضارب ورب المال عندهم أن يطلب إنهاءها في أي وقت شاء، سواء أقتت أو لا.


(١) البدائع: ٦/ ٩٩.
(٢) المغني: ٥/ ٦٩.
(٣) الشرح الكبير: ٣/ ٥١٩ ـ ٥٢٠.
(٤) المغني المحتاج: ٢/ ٣١٢.
(٥) البيان: ٧/ ١٩٧، ٧/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>