تقدم أن جمهور الفقهاء على أن المضاربة من العقود الجائزة غير اللازمة سوى المالكية، وعليه فإن لأي من أرباب الأموال أن يخرج منها بالكلية أو يسحب بعض ماله منها في أي وقت شاء على مذهب الجمهور، وهذا الحكم يتناسب الكثيرين من أرباب الأموال الذين يتعاملون بالمضاربة المشتركة، إلا أن غالب المؤسسات المالية يشترط عند وضع المال لديها إبقاءه مدة معينة ستة أشهر أو أكثر أو أقل، وعدم سحبه قبل ذلك، لأن هذا الشرط يتيح لها القيام بعمليات استثمارية أكثر، لأن بعض العمليات الاستثمارية تحتاج إلى مدة طويلة، وفي هذه الحال يمكن تلبية هذا المطلب بالأخذ بمذهب المالكية في جواز التوقيت كما تقدم.
إلا أنني أشير إلى أن على المؤسسات المالية الإسلامية ألا تبالغ في المنع من السحب، لأن ذلك يعطل مصالح الكثيرين من أرباب الأموال، ويصرفهم عن التعامل مع هذه المؤسسات وربما يدفع البعض منهم إلى العودة للتعامل مع المؤسسات الربوية.
ولذلك فإن المؤسسات الإسلامية في الغالب توفر سيولة مناسبة دائمًا لتلبية طلبات السحب من جهة، وتقيم نظامين للتعامل معها، الأول للودائع المؤقتة (وديعة) والثاني للودائع المفتوحة (حساب استثماري) ليختار كل متعامل معها من أرباب الأموال مسبقًا النوع الذي يفضله ويتناسب مع ظروفه، وحتى الودائع المؤقتة إذا طلبها صاحبها قبل وقتها لسبب معين فإنها لا تمنعه من ذلك، وتعيدها إليه، ولكنها تحوله في حقوقه فيها إلى نظام الودائع غير المؤقتة، من حيث نسبة الأرباح التي يستحقها، بما يسمونه (كسر الوديعة) ، وهو تصرف مناسب يؤمن مصلحة الطرفين.