للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما نقترحه في هذا الشأن هو أن يتم تكوين صندوقين مستقلين بذاتهما: أحدهما يخصص لتكوين احتياطي لصالح حملة الصكوك وفقًا لما ورد بقرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: ٣٠ (٥٤/ ٤) بند (٨) ويتحمل هذا الصندوق تعويض حملة الصكوك عن الخسائر الناتجة عن الدوران العادي لرأس المال والتي يجب أن يتحملها حامل الصك، وأن يكون التعويض في هذه الحالة في حدود ما أسهم به كل منهم في الصندوق دون زيادة أو نقص، والثاني: لتكوين احتياطي مستقل بذاته، يخصص لعامل المضاربة (الشركة) . بحيث يتم خصم أقساط هذا الاحتياطي من الأرباح السنوية الخاصة بحملة أسهم التأسيس بصفتهم يمثلون عامل المضاربة، على أن يقتصر استخدام هذا الاحتياطي لتغطية الخسائر الناتجة عن أي تقصير أو تعد من جانب الشركة أو العاملين فيها.

أما إذا كان المصدر للصكوك الاستثمارية هو الحكومة، وكان الضامن لها هو شركات أو هيئات من القطاع الحكومي، فإن تبعية جميع هذه الوحدات ـ بما فيها الوحدة القائمة بمهمة عامل المضاربة ـ ترجع إلى الحكومة، من حيث الإشراف وعدم الاستقلالية التامة في اتخاذ القرارات، فضلًا عن اندراج صافي أرباحهم أو خسائرهم في ميزانية الدولة في كل عام. يعني تعلق ذممهم المالية جميعًا بالذمة المالية للحكومة، وعدم انفكاكها عنها، مما يؤكد القول بأن الضامن في هذه الحالة هو نفسه عامل المضاربة (الوحدة الحكومية المعنية بالنشاط) ، وليس شخصًا ثالثًا مستقلًا عنها كما هو وارد بالاقتراح.

ولقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي قرارًا برقم: ٣٠ (٥/٤) في دورته الرابعة، عام ١٤٠٨ هـ، ليؤكد على المعنى، فأفاد بعد جواز اشتراط عائد محدد أو مقطوع لحملة الصكوك، كما أفاد بجواز ضامن أموال المضاربة، من طرف ثالث، بشرط أن يكون الضامن الذي يأخذه هذا الشخص على عاتقه بدون مقابل، أي تبرعًا خالصًا من جانبه، وبأن يكون التزامه في هذا الشأن مستقلًا تمامًا عن عقد المضاربة، أي لا يعتبر شرطًا في نفاذ العقد وترتب أحكامه على أي طرف من الأطراف المتعاقدة، وأن يكون الطرف الثالث منفصلا تماما في شخصيته وذمته عن طرفي عقد القراض، لأن ارتباط الذمة المالية لعامل المضاربة بالذمة المالية للطرف الثالث الضامن يعكس علاقة تبعية، تتناقض في جوهرها مع الحكم الثابت في المذاهب الفقهية الأربعة بعدم جواز فرض الضمان على عامل المضاربة من الأصل (١) .

والله أعلى وأعلم.


(١) انظر: القرار ضمن مطبوعات المجمع للدورات من ١ إلى ١٠، ص ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>