للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبناء على هذا التكييف للعلاقات في هذه المضاربة، فإن البنك بوصفه وسيطًا وعضوًا غير أساسي يستحق جعالة مكافأة له على وساطته وعمله، كما يستحق نسبة معينة من حصة العامل في الربح، وهذا نص ما قاله المرحوم موضحًا الأثر المترتب على هذا التكييف: (حقوق البنك: إن العضو الثاني يتمثل في البنك، وهو في الواقع ليس عضوا أساسيًا في عقد المضاربة، لأنه ليس هو صاحب المال ولا صاحب العمل أي المستثمر، وإنما يتركز دوره في الوساطة بين الطرفين، فبدلًا من أن يذهب رجال الأعمال إلى المودعين يفتشون عنهم واحدًا بعد آخر، ويحاولون الاتفاق معهم، يقوم البنك بتجميع أموال هؤلاء المودعين، ويتيح لرجال الأعمال أن يراجعوا ويتفقوا معه مباشرة على استثمار أي مبلغ تتوفر القرائن على إمكان استثماره بشكل ناجح، وهذه الوساطة التي يمارسها البنك تعتبر خدمة محترمة يقدمها البنك لرجال الأعمال، ومن حقه أن يطلب مكافأة عليها على أساس الجعالة. والجعالة التي يتقاضاها البنك كمكافأة على عمله ووساطته تتمثل في أمرين:

الأول: أجر ثابت على العمل يمكن أن يفرض مساويًا لمقدار التفاوت بين سعر الفائدة التي يعطيها البنك الربوي وسعر الفائدة التي يتقاضاها، مطروحًا منها زيادة حصة المودع من الربح على سعر فائدة الوديعة، الثاني:. . . أن يكون للبنك زائدًا على ذلك الأجر الثابت جعالة مرنة على العامل المستثمر، تتمثل في إعطاء البنك الحق في نسبة معينة من حصة العامل في الربح) (١) .

ويمكن أن يلاحظ المرء أن المرحوم تجاوز إعطاء اسم خاص لهذا النوع من المضاربة تقريرًا منه كونها ذات المضاربة التي تحدث عنها الفقهاء قديمًا، وكل ما في الأمر أن ثمة جملة حسنة من التعديلات والتغيرات طرأت على العديد من المسائل المرتبطة بها، الأمر الذي يستلزم القيام باجتهادات متجددة لبيان موقف الشرع من تلك المسائل في ضوء الواقع الذي نعيش فيه سعيًا إلى تسديديها بتعاليم الشرع الحنيف.


(١) البنك اللاربوي، ص ٤١ ـ ٤٣ بتصرف واختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>