رابعًا: أن الفقهاء الأقدمين تناولوا بشيء من الاستفاضة والتفصيل الأحكام التي تتعلق بتصرف المضارب (= المؤسسة) في مال المضاربة خلطًا (= شركة) بينها، واختلفوا في ذلك، إذ رأى الحنفية والمالكية والحنابلة والإمام الثوري جواز ذلك للمضارب إذا قال له رب المال أثناء انعقاد العقد: اعمل برأيك، وليس عليه ضمان في حالة هلاك الأموال، وأما الشافعية فإنهم يرون أنه لا يجوز للمضارب الخلط بين ماله ومال المضاربة، وأن عليه الضمان إذا فعل ذلك (١) .
ولا يخفى وجاهة ما ذهب إليه الجمهور وهو ترك الأمر لتقدير المضارب لما يؤدي إلى تحقيق الربح للمال المستثمر، على أن هذا النوع من التصرف (= الخلط بين أموال المضاربة) يندرج ضمن التصرفات التي يصح للمضارب الإقدام عليها إذا كانت المضاربة مطلقة وعامة، وعليه فإن هذه التصرفات لا تنفصل عن عمل المضارب في واقع الأمر، فإذا استعان بغيره في تحقيقها، كان ذلك تعاونًا بينه وبين ذلك المتعاون.
(١) لمزيد من التوضيح حول هذه المسألة، يراجع: المغني ـ مرجع سابق: ٥/ ٥٠ وما بعدها.