للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا ـ مسألة لزوم عقد المضاربة وأثر الاسترداد على اقتسام الربح:

ثمة مسألة مرتبطة بمسألة الشروط، وهي مسألة لزوم عقد المضاربة وعدم لزومه قبل وبعد شروع العامل في العمل في مال المضاربة بحيث يجوز للأطراف المشاركة فسخه في أي وقت شاؤوا دون موافقة الطرف الآخر، ومسألة أثر سحب أرباب الأموال أموالهم أو جزءًا منها قبل نهاية العقد المبرم بينهم وبين المضارب (= المؤسسة المالية الإسلامية) في أي وقت أرادوا ذلك، وأثر ذلك السحب على اقتسام الربح.

يرى الباحثون أن هاتين المسألتين الفرعيتين عن مسألة الشروط من المسائل التي تبرر اعتماد فكرة المضاربة المشتركة بديلًا عن المضاربة الخاصة للاستثمار الجماعي في هذا العصر، وهذا نص ما قاله الدكتور سامي: (والأهم من ذلك كله، أن له (يقصد رب المال) أن يفسخ العقد ويكلف المضارب بتنضيض رأس المال (أي تحويله إلى نقود) عند من لم يعتبر المضاربة أنها عقد لازم، فكيف يمكن لنا أن نتصور قيام نظام استثمار جماعي يمكن أن يشترط فيه رب المال هذه الشروط والتي هي شروط من حقه أن يشترطها في نطاق التعاقد الخاص بالنسبة لعقد المضاربة) (١) .

إنه ليس بخاف على كل من له معايشة واطلاعٌ على المدونات الفقهية المتوافرة أن مسألة لزوم عقد المضاربة قبل وبعد الشروع فيه مسألة اجتهادية، سبق لأهل العلم بالفقه أن اختلفوا فيها، وخاصة بعد شروع العامل في العمل، وفي هذا يقول ابن رشد: (. . أجمع العلماء على أن اللزوم ليس من موجبات عقد القراض، وأن لكل واحد منهما فسخه ما لم يشرع العامل في القراض، واختلفوا إذا شرع العامل، فقال مالك: هو لازم، وهو عقد يورث. . . وقال الشافعي وأبو حنيفة: لكل واحد منهما الفسخ إذا شاؤوا وليس هو عقدًا يورث، فمالك ألزمه بعد الشروع في العمل لما فيه من ضرر ورآه من العقود الموروثة، والفرقة الثانية، شبهت الشروع في العمل بما قبل الشروع في العمل. . .) (٢) .


(١) انظر: تطوير الأعمال المصرفية، مرجع سابق، ص٣٨٥ باختصار.
(٢) انظر: بداية المجتهد، مرجع سابق: ٢/ ٢٤٠ باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>