للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبناء على هذا، فإن هذه المسألة تعتبر من صميم المسائل الاجتهادية في المضاربة، ولا تسمو كغيرها من مسائل الاجتهاد على المراجعة والنقد، إذ إنه لم يرد في شأنها نص من الكتاب أو السنة مما جعلت الآراء تتعدد فيها. على أن اختيار رأي من الآراء الواردة فيها يحتاج إلى الاجتهاد انتقائي ترجيحي يتخذ من مختلف العوامل والقرائن المستجدة أسسًا لتبنى الرأي الذي يخاطب الواقع المعيش ويلبي متطلباته. وعليه، فليس هنالك مبرر لاعتبار هذه المسألة عقبة كؤودًا في طريق المضاربة في هذا العصر سواء أكانت المضاربة خاصة أم مشتركة.

وأما بالنسبة لمسألة الاسترداد وأثره على اقتسام الربح، فقد اعتبره المحدثون إحدى العقبات في توظيف المضاربة العادية للاستثمار الجماعي في هذا العصر، وفي هذا يقول الدكتور سامي (. . . أما فيما يتعلق بقسمة الربح، فإن المسألة تظهر بكل وضوح عدم ملائمة المضاربة الخاصة لحكم حالات الاستثمار الجماعي، وذلك لأن اقتسام الأرباح في هذه المضاربة مبني على أساس التصفية الكاملة للعملية، والغاية من ذلك هي أن يعود رأس المال نقودًا كما كان، حتى يتمكن رب المال من استرداد رأس ماله أولًا، ثم تجري قسمة الربح المتبقي بعد ذلك الاسترداد، لأن الأصل في الربح أنه وقاية لرأس المال، فلا ربح إلا بعد سلامة رأس المال لصاحبه. ومعلوم أن الاستثمار الجماعي المشترك يقوم على فكرة استمرار الاستثمار من ناحية، وإجراء توزيع الأرباح في فترات دورية من الناحية الأخرى، حيث يتعذر إجراء العملية الكلية في نهاية كل فترة يوزع فيها الربح على المستثمرين. . .) (١) .

بالرجوع إلى المدونات الفقهية، نجد أن الفقهاء اختلفوا أيضًا في هذه المسألة وتعددت آراؤهم فيها، وقد ذهب الشافعية والحنابلة إلى جواز ذلك، وفي هذا يقول الإمام ابن قدامة (. . (فصل) وإن طلب أحدهما قسمة الربح دون رأس المال وأبي الآخر، قدم قول الممتنع لأنه إن كان رب المال، فلأنه لا يأمن الخسران في رأس المال، فيجبره بالربح، وإن كان العامل، فإنه لا يأمن أن يلزمه رد ما أخذ في وقت لا يقدر عليه. وإن تراضيا على ذلك جاز. . وقال أبو حنيفة: لا تجوز القسمة حتى يستوفي رب المال ماله. . .

) (٢) .


(١) انظر: تطوير الأعمال المصرفية، مرجع سابق، ص ٣٨٥ ـ ٣٨٦ باختصار.
(٢) انظر: المغني: مرجع سابق: ٥/ ٦٣ ـ ٦٤ باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>