للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧- وهكذا يمكن من خلال ما تقدم أن نستشف خصائص كل نوع من أنواع التأمين سالفة الذكر:

ففيما يختص بالتأمين التجاري، فإن له من الخصائص ما يأتي:

١) أنه يهدف إلى الربح، فإذا لم يجد المؤمن ما يعينه على ضمان الربح الذي ينشده، فإنه يمتنع عن التأمين، كما إذا كانت المخاطرة غير منضبطة في مجموعها، لارتباط حدوثها بوقوع حروب أو كوارث طبيعية، أو كان ما يطلب فيه التأمين، من الأمور المستحدثة التي لم يسبق وقوعها بالقدر الذي يسمح بإعمال قوانين الإحصاء (١) .

٢) أن التعاون على توزيع المخاطر ليس هدفًا لهذا النوع من التأمين، فالمؤمن لا تسيطر عليه روح التكافل أو روح الشهامة في تدارك من وقع بهم البلاء أو نزلت بساحتهم المصائب، ولا يعنيه أن تتحقق التسوية الحقيقية بين من يؤدي إليهم التعويض ممن وقعت عليه كوارث متساوية.

والمؤمن عليهم لا يرتبط بعضهم ببعض بأي رابطة عقدية، ولا أثر لوقوع الخطر على غير من وقع عليه، بحسب الأصل، ولا يهم أيًا منهم من التأمين سوى ضمان الحصول لنفسه على أكبر قدر من المزايا التأمينية.

وعلاقة المؤمن له بالمؤمن علاقة تاجر بعميل، وليست علاقة منظم للتعاون بفرد من أفراد الهيئة المتعاونة (٢) ، وما يربطهما ليست رابطة جماعية تجمع بين المؤمن لهم، وإنما هي رابطة فردية يحكمها العقد لمحرر بينهما، ويستقل في ذلك تمامًا عما سواه من عقود التأمين الأخرى.

٣) إن المؤمن –في هذا النوع من التأمين- يستقل بشخصيته عن المؤمن عليهم؛ فإذا قام التأمين التجاري على يد شركة مساهمة، فإنه –في العملية التأمينية- يمثل المؤمن جماعة المساهمين في هذه الشركة، ويكون المؤمن عليهم عملاءها، وتدخل الأقساط التي يدفعونها في ملكيتها بمجرد أدائها، وما تستثمره الشركة من الرصيد تعود أرباحه وفوائده على المساهمين فيها، فإذا زاد المتحصل من هذه الأقساط واستثماراتها عن مجموع التعويضات والمزايا الأخرى التي تستحق، استقر الفائض على ملكيتها، فإن قل تكبدت الشركة الفرق من رأس مالها.

٤) إن العلاقة بين المؤمن والمؤمن عليه، علاقة تعاوضية، لا شأن للتبرع فيها، فتعهد المؤمن له بدفع القسط سببه تعهد المؤمن بدفع العوض أو المبلغ المؤمن به، وذلك على نحو ما يدل عليه تعريف عقد التأمين في القوانين ومنها القانون المصري (مادة ٧٤٧) والقانون السوري (مادة ٧١٣) والقانون الليبي (مادة ٧٤٧) ، فقد جرى هذا التعريف بأن (التأمين: عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له، أو المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه، مبلغًا من المال أو إيرادًا مرتبًا أو أي عوض مالي آخر، في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد، وذلك نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمَن له للمؤمِن) .


(١) فقد حدث مثلًا في أوائل القرن العشرين أن رفضت شركات التأمين التجارية التأمين على حوادث النقل الجوي، وحين شاع، وتحسنت وسائله، أقبلت على تغطية المخاطر التي تنشأ منه، سواء تلك التي تتعرض لها الطائرات نفسها، أو ما تنقله من أشخاص وبضائع. انظر: الشيخ عيسوي أحمد عيسوي. أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة عين شمس، مقال بعنوان عقد التأمين من وجهة نظر الشريعة الإسلامية والقانون، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية بجامعة عين شمس، السنة الرابعة، العدد الأول، يناير سنة ١٩٦٢م، ص ١٧٥.
(٢) الشيخ زكي الدين شعبان، التأمين من وجهة نظر الشريعة الإسلامية، مجلة الحقوق والشريعة، بالكويت، السنة الثانية، العدد الثاني، يونيه ١٩٧٨م، ص ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>