للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨- أما التأمين التعاوني فإن خصائصه يمكن حصرها فيما يأتي:

١) إنه يسعى إلى التعاون ولا يهدف إلى الربح، فهو ينشأ بقصد إفادة جماعة يتعرض أفرادها لأخطار متشابهة بتأمين الأضرار التي تتهددهم، كالمرض وحوادث العمل والعجز، أو تتهدد ذويهم في حالة حدوث الوفاة نتيجة شيء من ذلك، ويقوم على أساس توزيع الاشتراكات التي تجمع من كل فرد من هذه الجماعة، على من يبتلى منهم بالمصيبة المؤمن منها، تعاونًا بينهم على تحمل تلك المصيبة مع من حاقت به، دون أن يعود على أيهم ربح مادي عما أداه من اشتراكات، فإن زادت هذه الاشتراكات على ما يصرف من تعويض، كان للأعضاء الحق في استرداد الفائض، وإن نقصت، طولبوا باشتراكات إضافية لتغطية العجز، أو أُنقصت التعويضات المستحقة بنسبة هذا العجز.

٢) إن المؤمن لهم هم أنفسهم الذين يقومون بالتأمين، الرصيد المتحقق من اشتراكاتهم لا يخرج عن ملكيتهم، واستثمارات هذا الرصيد لا تذهب إلى ذمة أخرى. وإن كان ذلك لا يمنع أن يكون لمجموعهم شخصية اعتبارية في القانون، تتملك الرصيد المتحقق من الاشتراكات ومن الاستثمارات، على أن يعتبر المستأمنون هم أنفسهم أصحاب هذه الشخصية، بحيث تعود عليهم نتيجة التصفية إذا حدثت.

٣) إن تحديد الاشتراكات يخضع لمبدأ الموازنة بين مجموعها وبين التعويضات والنفقات التي تصرف، دون اعتبار لأي عائد مادي يعود على غير من يقع عليهم الخطر. كما أن تحديد المزايا التأمينية لا يتحتم أن يكون مقدمًا عند الاتفاق على التأمين، بل يجوز الاتفاق على ميعاد آخر لتحديد هذه المزايا وفق الظروف التي تمليها النظرة الاجتماعية التعاونية، وذلك بخلاف عقد التأمين التجاري الذي تحدد به هذه المزايا تحديدًا قاطعًا.

٤) إن التأمين التعاوني تأمين اختياري، ولكنه لا ينطلق من زاوية المصلحة الشخصية الذاتية البحتة، كالتأمين التجاري، وإنما ينطلق من مصلحة الجماعة، ويستند إلى الاقتناع بمبدأ التعاون والتكافل، دونما إلزام قانوني بالالتجاء إلى نظام معين بالذات.

وفيما عدا الخصائص المشار إليها والتي يمتاز بها التأمين التعاوني، فإن طبيعة هذا التأمين لا تفرض أوضاعًا معينة، أو تملي شكلًا محددًا، فيجوز أن تتولاه جمعية أو شركة أو مؤسسة بالنسبة للتابعين لأيها، طالما أن القائمين عليه لا يسعون إلى الربح ولا يهدفون لغير التعاون والتكافل في تحمل تبعات المرض وآثاره.

وقد شاع في الآونة الأخيرة أسلوب مستحدث لهذا النوع من التأمين أطلق عليه اسم صناديق التأمين الخاصة، وهي صناديق ينشئها ويديرها ويستفيد منها جماعات من الأفراد، تجمعهم صفة واحدة، أو نشاط اجتماعي أو صناعي معين، وتتكون هذه الصناديق بدون رأس مال، وتنحصر مواردها –بصفة أساسية- في الاشتراكات واستثماراتها، وتعمل على تبادل تغطية المخاطر دون أن تهدف إلى ربح، وقد اكتسبت هذه الصناديق شرعية في الدول التي تقوم فيها، وتدخلت الحكومات للإشراف والرقابة عليها، ضمانًا لحماية الحقوق التأمينية للمؤمن عليهم وحسن ضبط حساباتها (١) .


(١) في تفصيل نظام صناديق التأمين الخاصة، الدكتور سعد السعيد عبد الرزاق، بحثه المقدم لمؤتمر مشاكل نظام التأمين الاجتماعي المصري، المنعقد بالقاهرة في ٢٣ و ٢٤ مارس ١٩٩٦م، ص ٢ و٢٧. وبحث الدكتور الفونس شحاته المقدم لذات المؤتمر عن دور صناديق التأمين الخاصة في استكمال نطاق الضمان الاجتماعي، ص ١٢. والبحثان من توزيع المؤتمر، ولم يطبعا بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>