للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك لا يقال: إن المستشفى تلتزم بالعلاج إبرارًا بوعدها الذي قطعته على نفسها إذا دخل الموعود في السبب وهو المرض أو الإصابة طبقًا لما يراه بعض المالكية (١) ، ذلك لأن هذا الفريق إنما يُلزم الواعد بالوفاء دفعًا للضرر الذي وقع على الموعود بسبب من قبل الواعد، بمعنى أن الموعود ما كان ليقدم على العمل لولا ذلك الوعد، فالإخلال بالوعد يترتب عليه ضرر بالموعود، ويكون الواعد هو السبب في ذلك الضرر، فيُلزم بالوفاء بوعده. وليس الحال كذلك في التطبيق المعروض، فالمستشفى لم تدفع المتعاقد إلى القيام بأي عمل أدى إلى وقوع الخطر المؤمن منه، حتى تكون ملزمة بالضمان إذا هو دخل فيه وأصابه الضرر منه، وبالتالي فلا مجال لمطالبة المستشفى بالعلاج إلا من باب مكارم الأخلاق، وهو أمر مبني على التبرع ولا شأن له بمثل عقد المعاوضة موضوع الفحص (٢) .

ونتيجة لما سبق جميعه تكون الواقعة المعروضة من تطبيقات التأمين التجاري الذي استقرت المجامع العلمية في اجتهادها الجماعي على تحريمه، سواء في ذلك أكان المستشفى قد تعهد بتقديم الدواء مع العلاج والعمليات الجراحية، أم قصر تعهده على شيء من ذلك دون غيره.


(١) في تفصيل الآراء عن الوعد الملزم: المحلي لابن حزم، طبعة دار الفكر: ٨/٢٨، مسألة رقم (١١٢٥) ؛ والشيخ عيسوي أحمد عيسوي، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة عين شمس، مقال بعنوان عقد التأمين من وجهة نظر الشريعة الإسلامية والقانون، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية بجامعة عين شمس، السنة الرابعة، العدد الأول، يناير سنة ١٩٦٢م، ص١٩٧، ٢١٥.
(٢) يقول الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير، في موضوع قريب: (لا عبرة بما شرط على الخفراء في الحارات والأسواق من الضمان، لأنه التزام بما لا يلزم، ولا يرد على هذا قول مالك: من التزم معروفًا لزمه، فإن مقتضى هذا أنه إذا شرط عليهم الضمان ورضوا به، يضمنون لالتزامهم بالضمان، وهو معروف، لأن هذا غير الإجارة، كما يدل عليه قوله (معروفًا) ، إذ من المعلوم أن الشرط متى كان في مقام عقد، لم يكن معروفًا، ولأن ضمانهم حين إجارتهم ضمان بجعل، فيكون فاسدًا، لأن الضمان لا يكون إلا لله) ، طبعة المطبعة التجارية: ٤/٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>