للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٣- واستخلاصًا للرأي الراجح في المشارطة على البرء، نخلص إلى ما يأتي:

أولًا: إن المشارطة على البرء مشروعة في رأي فريق من الشافعية والحنابلة والمالكية (١) ، ولأنه لا تعارض بينها وبين كون الشافي هو الله وحده، إذ اكتساب الأسباب أمر لا بد منه عادة وشرعًا،. . . فلا شيء أبعث على راحة النفس واطمئنان الضمير من أن يشعر الإنسان في مطالب حياته بأنه أدى الواجب عليه بقدر استطاعته في الحد الذي يملكه، ثم يدع ما وراء ذلك إلى مالك الأمر كله (٢) .

ثانيًا: إن حظر الاشتراط على البرء، عند بعض الفقهاء، ارتبط بحالة الطب والأطباء في عصرهم، حين كان العلاج يقوم على تجارب لم يصقلها العلم، كما ارتبط بعرف لا يجمع بين التطبيب والشفاء برباط وثيق، مما كان يقتضي التحوط.

ولا ريب أن الحال قد اختلف في العصر الحاضر بسبب التقدم العلمي المذهل في العلوم الطبية وما يتصل بها من فروع المعرفة، وبسبب الرقابة الصارمة على الأطباء: ترخيصًا وتدريبًا وإشرافًا، وعلى العقاقير الطبية قبل طرحها للتداول وبعد طرحها له.

ومن ثم، فإنه تجانسًا مع العرف الذي تغير، فإن الأمر يقتضي تعزيز الثقة في الطب والأطباء، ووسائل العلاج، وإجازة هذا النوع من التعاقد (٣) .


(١) ورد في هذا الصدد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر تصرف أبي سعيد الخدري حين علم بأنه عالج رجلًا وشارطه على البرء، إلا أنني لم أعثر على ما يؤكد صحة هذا الحديث وسلامة الاستدلال به.
(٢) الشيخ حسنين مخلوف، فتاوى شرعية وبحوث إسلامية، دار الاعتصام: ١/١٣٩.
(٣) يرى الدكتور عبد الستار أبو غدة، أن الفقهاء تناولوا في دراستهم الأحكام المشارطة على البرء مسائل ثانوية، هي من القضايا الملحوظ فيها أثر الأعراف والأوضاع الزمنية، وأنه لا يوجد ما يلزم بمتابعتها مع تطور التعامل في هذا المجال. (في فقه الطبيب وأدبه، من أعمال المؤتمر الأول عن الطب الإسلامي طبعة وزارة الصحة العامة بالكويت، الطبعة الثانية، العدد الأول، ص ٥٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>