للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسًا: وتفريقًا على اعتبار المشارطة على البرء جعالة فإنه يثبت ما يأتي:

أ-أنه لا يجوز اشتراط تقديم الأجرة وإن جاز دفعها مقدمًا دون شرط، فهذا ما تقتضيه طبيعة الجعالة، فضلًا عن أن تقديم الأجرة يجعلها تتردد بين السلف والجعالة وذلك ممنوع شرعًا.

ب-إنه يجوز لكل من طرفي الجعالة فسخ العقد (لأنه عقد على عمل مجهول بعوض فجاز لكل واحد منهما فسخه كالمضاربة، فإن فسخ العامل لم يستحق شيئًا، لأن الجعل يستحق بالفراغ من العمل وقد تركه فسقط حقه، وإن فسخ رب المال: فإن كان قبل العمل لم يلزمه شيء، كما لو فسخ المضاربة قبل العمل، وإن كان بعد ما شرع في العمل لزمه أجر المثل لما عمل، لأنه استهلك منفعة بشرط العوض، فلزمه أجرته، كما لو فسخ المضاربة قبل العمل) (١)

٢٤-ويبقى بعد ذلك كله، أن الاشتراط على البرء في العصر الحالي، يجب أن يكون واضحًا وضوحًا لا لبس فيه، إذ العرف يجري على اعتبار التزام الطبيب في عقد العلاج، هو التزام ببذل عناية، وليس التزامًا بتحقيق نتيجة، هي الشفاء، وبالتالي فإن الإقرار بعدم استحقاق المقابل إلا عند البرء، هو على خلاف الأصل، فلا يفترض، ولا يحق أن يكون نتيجة تفسير موسع لما اتفق عليه الطرفان.


(١) المجموع، مرجع سابق: ١٥/١٢٤-١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>