ثالثًا: اتفاق يعقد بين المؤسسات الخاصة والمستشفيات للتعهد بمعالجة العاملين بهذه المؤسسات، طيلة فترة معينة، لقاء مبلغ معين. . . وقد انتهت الدراسة إلى أن هذا الاتفاق يدخل تحت ما يسمى بعقد التأمين الجماعي وفق مصطلحات الدراسة القانونية، وأنه ليس عقد تأمين تجاري لأن المؤسسة ليست لها مصلحة ذاتية، وإنما تهدف إلى التكافل، ولأن الترابط بين المؤمن عليهم واضح من ذات العقد ولا يستقى من خارجه، وأنه ليس - كذلك –عقدًا تعاونيًا خالصًا لأنه ليس قائمًا على التبرع البحت، ولأن شخصية المؤمن تختلف عن شخصية المؤمن له، ثم هو في ذات الوقت ليس عقد تأمين اجتماعي لأن المؤسسة التي أبرمته لا تمثل الدولة، ولا تعقده امتثالًا لأوامرها، وإنما هو عقد تأمين مختلط، يغلب عليه الهدف الاجتماعي، ويقترب كثيرًا من التبرعات، ومن ثم فإن الأولى به أن يفوز بالمشروعية، تغليبًا للجانب الاجتماعي فيه، وتحقيقًا لما يوفره من خير عميم، ومن تسوية العاملين في المؤسسات الخاصة بموظفي المؤسسات العامة، لتحقيق مناط هذه التسوية فيهم جميعًا.
على أن الدراسة اشترطت للحكم بالمشروعية سالف الذكر، أن يتحقق الهدف من جماعية العقد، فيكون المقصود هو مصلحة الجماعة، وأن يكون العلاج –وفق المجريات العادية للأمور- واقعًا، وبالقدر الذي لا يتنافر مع المبلغ المدفوع من المؤسسة، وهذا إنما يكون إذا كان عدد العاملين من الكثرة بحيث تضمن ذلك قوانين الإحصاء وقانون الأعداد الكبيرة، ويكون من حق أطراف التعاقد تعديل قدر المبلغ الذي تلتزم به المؤسسة، وتعديل المزايا التأمينية على هدي ما قد يطرأ من ظروف أو ما يكون قد وقع من أخطاء في البيانات التي كانت أساس التأمين، وهذا كله على نحو ما استقر عليه عرف التعامل، التزامًا بجماعية العقد.
ومن ناحية أخرى فإن الحكم بالمشروعية في الحالة المعروضة ينصب أساسًا على الحالة التي لا تتعهد فيها المستشفى بتقديم الدواء مع العلاج –أما إذا التزمت بذلك فإن الأمر محل خلاف في الفقه الإسلامي، وقد رجحت الدراسة الرأي المنقول عن الإمامين مالك وأحمد بن حنبل بالمشروعية (لضرورة الناس) .