للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وجدنا من خلال تتبعنا للمسألة في الأحاديث، واستعراض أقوال العلماء من الإمامية، واستنادهم إلى مسألة الغرر في عقود معاوضية مختلفة، كالشيخ الطوسي الذي استند إلى هذا الحديث في كتابي الضمان والشركة (١) وابن زهرة في كتاب الشركة (٢) وغيرهم، نطمئن إلى مسألة التعميم، ونعتبر ذلك مبدأ سعى إليه الإسلام في اتجاهاته المعاملية، وهذا المعنى تؤكده التطبيقات المتنوعة في مختلف الأبواب.

وقد ذكر العلامة الشيخ الأنصاري (من كبار علماء الإمامية المتأخرين) أن الدائر على ألسنة الأصحاب في نفي الغرر من غير اختصاص بالبيع، حتى إنهم يستدلون به في غير المعاوضات كالوكالة، فضلاً عن المعاوضات كالإجارة والمزارعة والمساقاة والجعالة، بل قد يرسل في كلماتهم ((نهي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الغرر)) (٣) مشيرًا إلى أن الأصل يذكر خصوص البيع، ولكنهم لتعميمهم ووجود بعض الأصول يرسلون هذا التعبير.

ويقول البجنوردي في هذا الصدد: (والإنصاف أن المستفاد من مجموع الروايات. . . . كون الجهل مضرًا ولو كان من قبل الشرط المجهول. وإن كانت (الرواية) واردة في باب البيع، لكن الظاهر عدم اختصاصها به) (٤) .

فالبناء إذن على صحة السند، وتعميم آثاره على كل العقود.

وهل يترك النهي عن الغرر أثره على عقود التبرع؟

الملحوظ أن بعض المذاهب وخصوصًا المالكية يرون أن الغرر لا يؤثر في صحتها، وهذا ما قرره القرافي في فروقه بوضوح (٥) ووافقهم عليه بعض العلماء من المذاهب الأخرى.


(١) (نقلاً عن المكاسب: ٥ / ١٨٥)
(٢) (الينابيع الفقهية: ١٧ / ٢١)
(٣) (المكاسب: ٥ / ١٨٨)
(٤) (القواعد الفقهية: ٣/ ٢٤٨)
(٥) (الفروق للقرافي: ١ / ١٥٠ ـ ١٥١، الفرق الرابع والعشرون)

<<  <  ج: ص:  >  >>