للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ ـ يفهم مما جاء في المدونة أن مالكًا يرى أن الأصل في إجارة الطبيب على العلاج أن تنصرف إلى العلاج حتى يبرأ المريض، ولو لم ينص في عقد الإجارة على ذلك، وأنه إذا لم يحصل البرء فإن الطبيب لا يستحق أجرًا إلا أن يكون المريض والطبيب قد شرطا خلاف ذلك من الشروط الحلال فيعمل بما شرطاه. ومن الشروط الجائزة والحلال في رأي سحنون اشتراط المريض على الطبيب أن يقدم له علاجًا معينًا كل شهر بدرهم، بشرط ألا ينقده الدرهم عند العقد، ثم إذا برأ المريض في نصف الشهر مثلاً فإن الطبيب يستحق نصف درهم فقط، وإنما شرط سحنون عدم النقد لئلا يتردد الدرهم بين السلفية والثمنية؛ لأن التردد بينهما من أبواب الربا؛ لأنه سلف جر نفعًا احتمالاً (١) .

ويلحظ أن ما في المدونة لم يرد في عبارة: (اشتراط البرء) على الطبيب؛ فهل يجوز هذا الشرط عند مالك؟

الظاهر أنه يجوز ويلزم؛ لأنه إذا كانت إجارة الأطباء تكون على البرء من غير شرط فإنها تجوز مع الشرط من باب أولى، ويكون هذا الشرط صحيحًا؛ لأنه مؤكد لمقتضى العقد فيجب الوفاء به.

١١ ـ ويفهم من كلام الباجي أن لمالك قولين في الجعل للطبيب على البرء:

قول بعدم الجواز في المدونة، وقول بالجواز، قاله سحنون في رواية عن مالك، مثل الجعل على بيع ثياب قليلة.

ولم أجد في المدونة في كتاب الجعل والإجارة مما قاله الباجي شيئًا سوى جواز الجعل في بيع الثياب القليلة (٢) ، وما في المدونة هو ما نقلته عن مالك في إجارة الأطباء، وواضح أنه مختلف عما قاله الباجي؛ لأن ما نقله الباجي عن مالك هو في الجعل للطبيب، وما نقلته عنه من المدونة هو في إجارة الطبيب.

١٢ ـ ويفهم من كلام ابن شاس أن مشارطة الطبيب على البرء؛ في جوازها وعدمه خلاف بين فقهاء المالكية يرجع إلى ترددها بين الإجارة والجعالة، ولم يذكر تفصيلاً في الموضوع، ولم يزد القرافي في الذخيرة على ما قاله ابن شاس.


(١) (حاشية الصاوي على الشرح الصغير: ٤ / ٨١)
(٢) (المدونة: ١١ / ٩٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>