١٣ ـ ولم يذكر خليل في مختصره مشارطة الطبيب على البرء، ولكن شارحه الدردير قال: إن مشارطة الطبيب على البرء مثل كراء السفينة؛ كلاهما إجارة لازمة، لا جعالة، إلا أن لهما شبهًا بالجعالة من حيث إنه لا يستحق الكراء إلا بتمام العمل، وهذا متفق مع ما جاء في المدونة، ويضيف الدردير أن مشارطة الطبيب على البرء إجارة لا جعالة، سواء وقعت بلفظ إجارة أو جعالة، ويوافقه الدسوقي على هذا.
١٤ ـ ويتفق كلام الدردير في الشرح الصغير وكلام الصاوي في الحاشية مع ما في الشرح الكبير وجاشيته في أن مشارطة الطبيب على إجارة لازمة بالعقد لا جعالة، ولكنه يختلف معه فيما لو حصل العقد على الجعالة، فقد جاء في الشرح الصغير وحاشيته أنها تكون جعالة غير لازمة تطبق عليها أحكام الجعالة.
ويضيف الدردير في الشرح الصغير أمرين:
الأول: إن القول بأن مشارطة الطبيب على البرء إجارة لا يستحق فيها الأجر إلا بالبرء وهو الأصح، وهو قول ابن القاسم وروايته في المدونة عن مالك، ولم يذكر مقابل القول الأصح.
الثاني: أن عدم استحقاق الطبيب شيئًا إذا ترك العمل قبل البرء مشروط بما إذا لم يتم العمل غيره، فإن أتمه غيره فله بحساب كرائه الأول.
١٥ ـ ويفهم من كلام التسولي أن مشاركة الطبيب تصح إجارة وجعالة، سواء مشينا على المشهور من أن ما تبقى فيه منفعة للجاعل بعد الترك لا تصح فيه الجعالة، أو مشينا على مقابله من صحة الجعل فيما تبقى فيه منفعة للجاعل.
ويظهر من كلام التسولي أنه يعتبر مشارطة الطبيب على البرء مما لا تبقى فيه منفعة للجاعل بعد الترك؛ لأنه جعل مع رد الآبق والشارد.
ويفهم أيضًا من كلام التسولي أن لمالك قولين في مجاعلة الطبيب على البرء: قول بالجواز، وقول بعدمه.
ويشترط التسولي لجواز مشارطة الطبيب على البرء أن يكون الدواء من العليل.