للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا ـ مذهب الشافعية:

١ ـ قال الرملي في باب الجعالة:

ويستنبط منه (حديث أبي سعيد) جواز الجعالة على ما ينتفع به المريض من دواء أو رقية.

٢ ـ قال الشبراملسي:

(ثم ينبغي أن يقال: إن جعل الشفاء غاية لذلك، كتداويني إلى الشفاء، أو لترقيني إلى الشفاء، فإن فعل ووجد الشفاء استحق الجعل، وإن فعل ولم يحصل الشفاء لم يستحق شيئًا، لعدم وجود المجاعل عليه، وهو المداوة والرقية إلى الشفاء، وإن لم يجعل الشفاء غاية لذلك؛ كتقرأ على علتي الفاتحة سبعًا مثلاً استحق بقراءتها سبعًا؛ لأنه لم يقيد بالشفاء. . .) (١) .

٣ ـ واضح من كلام الشبراملسي أن مشاركة الطبيب على البرء جائزة، وهي جعالة لا يستحق فيها الطبيب الجعل إلا إذا حصل البرء.

ثالثًا ـ الحنابلة:

١ ـ قال ابن قدامة:

ويجوز أن يستأجر طبيبًا ليداويه، والكلام فيه كالكلام في الكحال سواء، إلا أنه لا يجوز اشتراط الدواء على الطبيب؛ لأن ذلك إنما جاز في الكحال على خلاف الأصل للحاجة إليه، وجرى العادة به فلم يوجد ذلك المعنى ههنا، فثبت الحكم فيه على وفق الأصل (٢) .

وذكر ابن قدامة في الكحال كلامًا كثيرًا ننقل منه الآتي:

ويجوز أن يستأجر كحالاً ليكحل عينه؛ لأنه عمل جائز، ويمكن تسليمه، ويحتاج إلى بيان قدر ما يكحله، مرة في كل يوم أو مرتين، فأما إن قدرها بالبرء، فقال القاضي: لا يجوز؛ لأنه غير معلوم.

وقال ابن أبي موسى: لا بأس بمشارطة الطبيب على البرء؛ لأن أبا سعيد حين رقى الرجل شارطه على البرء، والصحيح ـ إن شاء الله ـ أن هذا يجوز، ولكن يكون جعالة لا إجارة، فإن الإجارة لا بد فيها من مدة، أو عمل معلوم، فأما الجعالة فتجوز على عمل مجهول كرد اللقطة، والآبق، وحديث أبي سعيد في الرقية، وإنما كان جعالة فيجوزها هنا مثله، فأما إن شارطه على البرء فإنه جعالة فلا يستحق شيئًا حتى يوجد البرء سواء وجد قريبًا أو بعيدًا. (٣) .


(١) (نهاية المحتاج: ٥ / ٤٦٣) وانظر أيضًا: المجموع (التكملة الثانية) : ١٥ / ٨٣)
(٢) (المغني: ٥ / ٥٤٢)
(٣) (المغني: ٥ / ٥٤١ و٥٤٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>