للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاصل آراء الفقهاء في مشارطة الطبيب على البرء

مشارطة الطبيب على البرء قد تكون بصيغة الإجارة

وقد تكون بصيغة الجعالة

فإن كانت بصيغة الإجارة فهي جائزة عند مالك كما جاء في المدونة والبهجة، والشرح الكبير وحاشيته، فلا يستحق الطبيب الأجر إلا بحصول البرء، وقال في الشرح الصغير: إن هذا هو الأصح.

وجوزها ابن أبي موسى من فقهاء الحنابلة كما يفهم من عبارة ابن قدامة في المغني، ولم أر من جوزها غيرهما.

وإن كانت بصيغة الجعالة، فهي جائزة عند الشافعية، وعند الحنابلة على الصحيح عند ابن قدامة، وغير جائزة على الصحيح في المذهب عند محشي المقنع، واختلف فقهاء المالكية فيها؛ فقال الباجي: إن لمالك فيها قولين: قول بعدم الجواز، وهو ما في المدونة، وقول بالجواز، وقال الدردير في الشرح الكبير والدسوقي: إن مشارطة الطبيب على البرء إجارة دائمًا، ولو وقعت بلفظ الجعالة، وقال الدرير في الشرح الصغير: إنها إجارة، ما لم يعقد على الجعالة، ووافقه الصاوي على أنها إجارة ما لم يصرح عند العقد بالجعالة، وإلا كانت جعالة غير لازمة.

ولا تجوز مشارطة الطبيب بصيغة الجعالة عند الحنفية، كما لا تجوز عندهم بصيغة الإجارة، حسب ما ظهر لي من أقوالهم في الجعالة، وإن كنت لم أقف لهم على نص في هذا الموضوع كما ذكرت.

هذا، وممن صرح بعدم جواز الجعالة على مشارطة الطبيب على البرء، الظاهرية، قال ابن حزم: ولا تجوز مشارطة الطبيب على البرء أصلاً؛ لأنه بيد الله تعالى لا بيد أحد. . والبرء لا يقدر عليه إلا الله تعالى. (١) .

وصرح بعدم الجواز أيضًا الزيدية، وعللوا المنع بأن البرء غير مقدور للطبيب (٢) . واشترط أكثر من جوز مشارطة الطبيب على البرء أن يكون الدواء على العليل، فإن شرط على الطبيب فسد العقد.


(١) (المحلى: ٨ / ٢٢٨)
(٢) (البحر الزخار: ٤ / ٤٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>